وَرَوَى ابْنُ مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمَخْدَجِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فَمَنْ أَتَى بِهِنَّ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَهُ عَهْدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ بِمَا رُوِّينَا أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ خَمْسٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَهُنَّ مُوَقَّتَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] ، ثُمَّ وَرَدَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ أَوْقَاتِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَصْفِ أَوْقَاتِهَا عَلَى التَّحْدِيدِ، فَأَمَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ أَوْقَاتِهَا فَخَمْسُ آيَاتٍ إِحْدَاهُنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وله الحمد في السموات وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: ١٧] . فَعَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالتَّسْبِيحِ لِمَا يَتَضَمَّنُهَا مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى: {فسبحان الله} أَيْ: صَلُّوا لِلَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: ١٤٣] أَيْ: مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَقِيلَ: الْمُسْتَغْفِرِينَ وَقَالَ الْأَعْشَى فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
(وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّاتِ وَالضُّحَى ... وَلَا تَعْبُدِ الشيطان والله فاعبدا)
وقوله: " حين تمسون " يريد به المغرب، والعشاء " وحين تصبحون " يريد الصبح " وعشيا " - يعني - صلاة العصر " وحين تظهرون " - يَعْنِي - صَلَاةَ الظُّهْرِ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فسبح بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٤٠] قَوْلُهُ: " وَسَبِّحْ " أَيْ: وَصَلِّ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ - يَعْنِي - صلاة الصبح " وقبل الغروب " الظهر والعصر " ومن الليل فسبحه " - يَعْنِي - صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ " وَفِي أَدْبَارِ السُّجُودِ " تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute