عُضْوًا مُسْتَطَابًا مِنْ رَأْسِهَا؛ وَلِأَنَّهَا تَقْصُرُ بِالْعَوَرِ فِي الرَّعْيِ فَيَقِلُّ لَحْمُهَا، وَلِأَنَّهُ مُوكِسٌ لِثَمَنِهَا وَسَوَاءٌ لَحِقَهَا الْعَوَرُ فَأَذْهَبَ الْعَيْنَ أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَلَا تُبْصِرُ بِهَا فَإِنَّهَا الْبَيِّنُ عَوَرُهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَقَلُّ الْعَوَرِ الْبَيَاضُ الَّذِي يُغَطِّي النَّاظِرَ فَإِنْ غَطَّى نَاظِرَهَا بِبَيَاضٍ أَذْهَبَ بَعْضَهُ وبقي بعضه نظر؛ فإن كان الذاهب عن نَاظِرِهَا أَكْثَرَ لَمْ تُجْزِئْ وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ أقل أجزأت. التضحية بالعمياء
وَإِذَا لَمْ تُجْزِئِ الْعَوْرَاءُ فَالْعَمْيَاءُ أَوْلَى أَلَّا تُجزِئَ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: يَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْعَمْيَاءِ لِوُرُودِ النَّصِّ عَلَى الْعَوْرَاءِ وَهَذَا مِنْ زَلَلِ الْمُقَصِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْعَمَى مُتَضَعِّفٌ مِنَ الْعَوَرِ فهي عوراوان، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّجْفَاءِ وَهِيَ الْعَمْيَاءُ الَّتِي قَدِ انْتَجَفَتْ عَيْنَاهَا فَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ بِالْحَوْلَاءِ وَالْقَمْتَاءِ فجائز. التضحية بالعشواء
فأما الْأُضْحِيَّةُ بِالْعَشْوَاءِ الَّتِي تُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا تُبْصِرُ لَيْلًا، فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ بِهَا جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُبْصِرُ فِي زَمَانِ الرَّعْيِ وَعَيْنُهَا مَعَ الْعَشَاءِ بَاقِيَةٌ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَدَمُ النَّظَرِ فِي زَمَانِ الدَّعَةِ.
وَفِيهَا وَجْهٌ آخَرُ لِبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ: أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، لِأَنَّهَا فِي أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ غَيْرُ ناظرة فكان نقصاً مؤثراً. التضحية بالمريضة
(فَصْلٌ:)
وَمِنْهَا الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، لِأَنَّ مَرَضَهَا مَعَ الْخَبَرِ قَدْ أَوْكَسَ ثَمَنَهَا، وَأَفْسَدَ لَحْمَهَا، وأضعف راعيتها. وَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا ظَهَرَ مِنْ آثَارِهِ فِي اللَّحْمِ كَالْجَرَبِ، وَالْبُثُورِ، وَالْقُرُوحِ، فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ زَوَالُهُ مَرْجُوًّا أَوْ غَيْرَ مَرْجُوٍّ لِوُجُودِهِ فِي حَالِ الذَّبْحِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَمْ تَظْهَرْ آثَارُهُ كَالْمَرَضِ الْكَادِّي لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَنَعَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، فَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى حَظْرِهِ، وَفِي الْجَدِيدِ إِلَى جَوَازِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute