للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا لُبْسُ فَاخِرِ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَفِي مَنْعِهِمْ مِنْهُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّطَاوُلِ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ كَمَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ فَاخِرِ الثِّيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَلِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُتَمَيِّزِينَ بِلُبْسِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِتَحْرِيمِ لُبْسِهِ عَلَيْهِمْ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْفَرْقُ الْمُعْتَبَرُ فِي أَبْدَانِهِمْ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي شُعُورِهِمْ.

وَالثَّانِي: فِي أَجْسَادِهِمْ.

فَأَمَّا الشُّعُورُ فَيُمَيَّزُونَ فِيهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْحَذِفُوا في مقدم رؤوسهم عراضا تخالف شوابير الأشراف.

والثاني: لا يفرقوا شعورهم في رؤوسهم، وَيُرْسِلُونَهَا ذَوَائِبَ، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الْمُبَاهَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا فِي أَجْسَادِهِمْ، فَهُوَ أَنْ تُطْبَعَ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ مَشْدُودَةً، فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ رِقَابِهِمْ، وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَذَلُّ، وَإِنَّمَا أُخِذُوا بِالتَّمَيُّزِ فِي أَبْدَانِهِمْ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عِنْدَ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ، فَإِذَا تَجَرَّدُوا فِيهَا مِنْ ثِيَابِهِمْ، وَقَدِ اخْتِيرَ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَفِي أَيْدِيهِمْ جَلْجَلٌ.

وَالثَّانِي: لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا وُجِدُوا مَوْتَى، لِيُعْرَفُوا، فَيُدْفَعُوا إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ، فَيَدْفِنُونَهُمْ فِي مَقَابِرِهِمْ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِالْمُسْلِمِينَ، فَيُصَلُّوا عَلَيْهِمْ، وَيَدْفِنُونَهُمْ فِي مَقَابِرِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَيَّزُوا بِمِيسَمٍ وَلَا وَسْمٍ، لِأَنَّهُ مُؤْلِمٌ وَغَيْرُ مَأْثُورٍ، فَإِنِ اقْتَصَرُوا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فِي أَبْدَانِهِمْ إِمَّا بِالشُّعُورِ أَوْ بِخَوَاتِيمِ الرَّصَاصِ الْمَطْبُوعَةِ جَازَ، لِوُقُوعِ التَّمْيِيزِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ أظهر.

فأما النساء فلا يعرض لتحذيف شعورهم، ويمنعوا مِنَ الْفَرْقِ وَالذَّوَائِبِ فِي الْحَمَّامَاتِ دُونَ مَنَازِلِهِنَّ، وَهُنَّ فِي طَابَعِ خَوَاتِيمِ الرَّصَاصِ إِذَا خَرَجْنَ كَالرِّجَالِ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْفَرْقُ الْمُعْتَبَرُ فِي مَرَاكِبِهِمْ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي جِنْسِ الْمَرْكُوبِ.

وَالثَّانِي: فِي صِفَةِ الْمَرْكُوبِ.

فَأَمَّا جِنْسُ الْمَرْكُوبِ، فَيَرْكَبُونَ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>