للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا أَهْلُ السِّقَايَةِ فَالدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لَهُمْ رِوَايَةُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ وَلِأَنَّ أَهْلَ السِّقَايَةِ مُتَشَاغِلُونَ بِإِصْلَاحِ الشَّرَابِ وَإِسْقَاءِ الْمَاءِ لِيَرْتَوِيَ النَّاسُ مِنْهُ وَيَرْتَقِفُوا بِهِ فَكَانَتِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَى تَأْخِيرِهِمْ فَرَخَّصَ ذَلِكَ لَهُمْ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا غَيْرُ الرُّعَاةِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ كَالْمَرِيضِ الَّذِي تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ الْغَالِبَةُ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى وَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ فَفِيهِمْ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَنْصُوصٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْحَجِّ أَنَّهُمْ كَالرُّعَاةِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَتَأْخِيرُ الرَّمْيِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمْ لِاسْتِوَائِهِمْ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ فِي التَّأْخِيرِ بِالْعُذْرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إِنَّ الرُّعَاةَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ مَخْصُوصُونَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ لِتَخْصِيصِهِمْ بِالرُّخْصَةِ وَمَا يَعُودُ بِتَأْخِيرِهِمْ مِنَ الرِّفْقِ وَالْمَعُونَةِ فَبَايَنُوا غَيْرَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثبت لِلرُّعَاةِ وَأَهِلِ السِّقَايَةِ أَنْ يَصْدُرُوا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَيَدَعُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى فَإِنْ لَمْ يَصْدُرُوا مِنْهَا نَهَارًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَجَبَ عَلَى الرُّعَاةِ الْمَبِيتُ بِهَا وَكَانَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ أَنْ يَصْدُرُوا وَيَدَعُوا الْمَبِيتَ بِهَا؛ لِأَنَّ عُذْرَ الرُّعَاةِ رَعْيُ الْإِبِلِ وَالرَّعْيُ يَكُونُ نَهَارًا وَلَا يَكُونُ لَيْلًا فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِزَوَالِ عُذْرِهِمْ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ عُذْرُهُمْ إِصْلَاحُ الشَّرَابِ وَاسْتِقَاءُ الْمَاءِ وَذَلِكَ يَكُونُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَجَازَ لَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِوُجُودِ عُذْرِهِمْ.

مَسْأَلَةٌ: قال الشافعي رضي الله عنه: " ويخطب الْإِمَامُ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ فَيُوَدِّعُ الْحَاجَّ وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فَذَلِكَ لَهُ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا حَجَّهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ خُطَبَ الْحَجِّ أَرْبَعٌ فَالْخُطْبَةُ الْأُولَى فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ وَالْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِعَرَفَةَ وَالْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمِنًى وَالْخُطْبَةُ الرَّابِعَةُ وهي هذه الْخُطْبَةُ يَخْطُبُهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمِنًى وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ أبو حنيفة لَيْسَتْ هَذِهِ الْخُطْبَةُ سُّنَّةً وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الظُّهْرِ بمنى فإذا خطب عليهم أعلمهم أن يؤمهم هَذَا يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَمَنْ نَفَرَ مِنْهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْغَدِ وَمَنْ أَقَامَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَزِمَهُ رَمْيُ الْغَدِ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى

<<  <  ج: ص:  >  >>