للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْخَادِمِ)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بَيَانُ أَنَّ عَلَى الرَجُلِ مَا لَا غِنَى بِامْرَأَتِهِ عَنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَخِدْمَةٍ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى مَا لَا صَلَاحَ لِبَدَنِهَا مِنْ زَمَانَةٍ ومرض إلا به (وقال) في كتاب عشرة النساء يحتمل أن يكون عليه لخادمها نفقة إذا كانت ممن لا تخدم نفسها وقال فيه أيضاً إذا لم يكن لها خادم فلا يبين أن يعطيها خادماً ولكن يجبر على من يصنع لها الطعام الذي لا تصنعه هي ويدخل عليها ما لا تخرج لإدخاله من ماء وما يصلحها ولا يجاوز به ذلك (قال المزني) قد أوجب لها في موضع من هذا نفقة خادم وقاله في كتاب النكاح إملاء على مسائل مالك المجموعة وقاله في كتاب النفقة وهو بقوله أولى لأنه لم يختلف قوله أن عليه أن يزكي عن خادمها فكذلك ينفق عليها (قال المزني) رحمه الله: ومما يؤكد ذلك قوله لو أراد أن يخرج عنها أكثر من واحدة أخرجهن ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا فَأَمَّا نَفَقَةُ خَادِمِهَا إِذَا كَانَ مِثْلُهَا مَخْدُومًا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٩] وَالْخِدْمَةُ مِنَ الْمُعَوَّدِ الْمَعْرُوفُ. وَلِقَوْلِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ. فَكَانَ الْخَادِمُ مِنَ الْمَعْرُوفِ. وَلِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ الْكَامِلَ فَلَزِمَهُ لَهَا الْكِفَايَةُ الْكَامِلَةُ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يكن مثلها مخدوماً لقياسها بِخِدْمَةِ نَفْسِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي حَقِّهَا، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْعُرْفِ بِذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عُرْفُ الْقَدْرِ وَالْمَنْزِلَةِ. فَإِنَّ عُرْفَ ذَوِي الْأَقْدَارِ بِشَرَفٍ أَوْ يَسَارٍ أَنْ يَخْدُمَهُمْ غَيْرُهُمْ فَلَا يَخْدُمُوا أَنْفُسَهُمْ. وَعُرْفَ مَنِ انْخَفَضَ قَدْرُهُ وَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ وَلَا يُخْدَمَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عُرْفُ الْبِلَادِ فَإِنَّ عَادَةَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَسْتَخْدِمُوا وَلَا يَخْدُمُوا، وَعَادَةَ أَهْلِ السَّوَادِ أَنْ يَخْدُمُوا وَلَا يَسْتَخْدِمُوا فَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا لِأَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَقْدَارِ وَسُكَّانِ الْأَمْصَارِ لَزِمَهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً فَيَلْتَزِمَ لَهَا مُدَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>