مَرَضِهَا وَإِنْ طَالَتْ، نَفَقَةُ خَادِمِهَا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كِفَايَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ قَدْ تَجِبُ فِي حُقُوقِ الزَّوْجَاتِ وَلَا يَجُبْ فِي حُقُوقِهِنَّ الدَّوَاءُ وَالطَّبِيبُ. وَالِاعْتِبَارُ فِي خِدْمَتِهَا بِمَا تَأْخُذُ بِهِ نَفْسَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُخْدَمُ مِثْلُهَا فَتَرَفَّعَتْ عَنِ الْخِدْمَةِ لَمْ تَلْزَمْ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا فَتَبَذَّلَتْ فِي الْخِدْمَةِ لَزِمَهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا نفقة اكثر من خادم واحد وإن جلت.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ تَسْتَقِلَّ بِخَادِمٍ وَاحِدٍ لِجَلَالَةِ الْقَدْرِ وَكَثْرَةِ الْحَشَمِ. أُخِذَ مِنْهَا مَنْ جَرَتْ بِهِمْ عَادَةُ مِثْلِهَا مِنْ عَادَةِ الْخَدَمِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ. وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَادِمِ الْوَاحِدِ مَعَهُ لِزِينَةٍ أَوْ حِفْظِ مَالٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الزَّوْجِ، وَجَرَى حُكْمُ مَا زَادَ عَلَى الْخَادِمِ الْوَاحِدِ حُكْمَ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ بِأَفْرَاسٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى الأسهم فَرْضٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى فَرَسٍ وَاحِدٍ وَمَا عَدَاهُ لِعِدَّةٍ أَوْ زِينَةٍ. ".
[الْقَوْلُ فِي صِفَةِ الْخِدْمَةِ]
فَإِذَا ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْخِدْمَةِ فَالْكَلَامُ فِيهَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: صِفَةُ الْخِدْمَةِ.
وَالثَّانِي: مَنْ يَقُومُ لَهَا بِالْخِدْمَةِ، فَأَمَّا صِفَةُ الْخِدْمَةِ فَهِيَ نَوْعَانِ: خَارِجَةٌ وَدَاخِلَةٌ.
فَأَمَّا الْخَارِجَةُ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مِنَ الْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ، وَأَمَّا الدَّاخِلَةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ بِهَا إِلَّا أَحَدُ ثَلَاثَةٍ.
إِمَّا النِّسَاءُ، وَإِمَّا ذُو مَحْرَمٍ مِنَ الرِّجَالِ.
وَإِمَّا صَبِيٌّ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَفِي الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَمَمْلُوكِهَا وَجْهَانِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي عَوْرَتِهَا مَعَهُمَا.
فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْدِمَ لَهَا مَنْ خَالَفَ دِينَهَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، يَجُوزُ لِحُصُولِ الْخِدْمَةِ بِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا أَذَلَّ نُفُوسًا وَأَسْرَعَ فِي الْخِدْمَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّفْسَ رُبَّمَا عَافَتِ اسْتِخْدَامَهُ، وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا لَمْ يُؤْمَنُوا لِعَدَاوَةِ الدِّينِ وَلَوْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَقُومُوا بِالْخِدْمَةِ الْخَارِجَةِ وَلَا يَقُومُوا بِالْخِدْمَةِ الدَّاخِلَةِ كَانَ وَجْهًا، وَأَمَّا مَنْ يَقُومُ لَهَا بِالْخِدْمَةِ فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
أما بأن المشتري خَادِمًا يَقُومُ بِخِدْمَتِهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَكْتَرِيَ لَهَا خَادِمًا، وَإِمَّا بِأَنْ يَكُونَ لَهَا خَادِمٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَالْخِيَارُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إِلَيْهِ دُونَهَا، لِأَنَّ حَقَُّهَا فِي الْخِدْمَةِ، فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: