أحدها: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ كَذَا وَكَذَا شَيْئَانِ فَأَوْجَبَ تفسرهما بِالدِّرْهَمِ أَنْ يَكُونَا دِرْهَمَيْنِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ دِرْهَمٍ فَيَصِيرُ الشَّيْئَانِ دِرْهَمًا.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ اخْتِلَافَ نَصِّهِ فِي مَوْضِعَيْنِ لِاخْتِلَافِ إعراب الكلامين فقوله ههنا عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ إِذَا قَالَهُ مَنْصُوبًا، وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إِذَا قَالَهُ مَرْفُوعًا.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ اخْتِلَافَ نَصِّهِ لِاخْتِلَافِ لفظه، فقوله: ههنا عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ إِذَا ذَكَرَ بَيْنَهُمَا الْوَاوَ فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ، عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا الْوَاوَ فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، أَوْ شَكَّ الْحَاكِمُ هَلْ ذَكَرَ الْوَاوَ فِي إِقْرَارِهِ أَمْ لَا. لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ إِلَّا التَّفْسِيرُ قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا فِي الْأُمِّ.
وَالطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ اخْتِلَافَ نَصِّهِ لِاخْتِلَافِ إرادته فقوله " ههنا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ " إِذَا أَرَادَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ " يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ " إِذَا أَرَادَ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَلَمْ يُطْلِقْ.
فَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُرَادِهِ بِهِ.
فَأَمَّا محمد بن الحسن فَيَقُولُ يَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ مُرَكَّبٍ دَخَلَتْهُ الْوَاوُ. وَكَانَ تَفْسِيرُهُ مَنْصُوبًا، وَهَكَذَا يَقُولُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ فِيمَنْ كَانَ نَحْوِيًّا وَفِيمَا ذكرنا عليهما مقنع والله أعلم.
[مسألة:]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَالْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ والمرض سواء يتخاصمون مَعًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بَدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ لِآخَرَ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ فَكِلَا الْحَقَّيْنِ لَازِمٌ، فَإِنِ اتَّسَعَ مَالُهُ لِقَضَائِهِمَا قُضِيَا مَعًا وَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا كَانَ فِيهِ سَوَاءٌ وَتَسَاوَى غَرِيمُ الْمَرِيضِ وَغَرِيمُ الصِّحَّةِ فَيَقْتَسِمَانِ الْمَالَ بِالْحِصَصِ. وَقَالَ أبو حنيفة: يُقَدَّمُ غَرِيمُ الصِّحَّةِ عَلَى غَرِيمِ المريض فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ تَفَرَّدَ بِأَخْذِ الْمَالِ كُلِّهِ وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ فَضْلَةٌ أَخَذَهَا غَرِيمُ الْمَرَضِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ غَرِيمِ الصِّحَّةِ جَمِيعَ دِينِهِ.
اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ أَوْكَدُ وَأَقْوَى مِنَ التَّصَرُّفِ فِي حَالِ الْمَرَضِ لنفوذ