للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاوِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهُ عَنْ مِثْلِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهُ عَنْ مَنْ لَا يُوثَقُ بِصِحَّتِهِ.

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: " مُرْسَلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَنَا حَسَنٌ " وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَهُ لِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ شَوَاهِدِ صِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ مَا أَرْسَلَ حَدِيثًا إِلَّا وَقَدْ وُجِدَ مُسْنَدًا عَنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا رِوَايَاتُ الصَّحَابَةِ فَلَا مُرْسَلَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله

فَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ.

وَإِنْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنْ سَمَاعِهِ مِنْهُ.

وَإِنْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ يَرْوِيهِ إِلَّا عَنْ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ صَحَابَةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَحْكُومٌ بِعَدَالَتِهِمْ وَجَمِيعَهُمْ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ كُلُّ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَكِنْ سَمِعْتُ وَحَدَّثَنِي بِهِ أَصْحَابُهُ " وَأَجْرَى أَهْلُ الْعِلْمِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُسْنَدِ دُونَ الْمُرْسَلِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَنْ مُسَمًّى مَشْهُورٍ بِمَا سُمِّيَ بِهِ: حَتَّى لَا يَقَعَ التَّدْلِيسُ فِي اسْمِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَقَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ أَوْ مَنْ لَا أَتَّهِمُ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي صِحَّةِ النَّقْلِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَثِقُ بِهِ وَيَكُونُ مَجْرُوحًا عِنْدَ غَيْرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَادِيثَ رَوَاهَا أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، وَأَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ قِيلَ قَدِ اشْتَهَرَ مَنْ عَنَاهُ بِهَذَا وَأَنَّهُ أَرَادَ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فَصَارَ كَالتَّسْمِيَةِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُصَرِّحَ بِاسْمِهِ لَكِنَّهُ رُبَّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْحَدِيثِ اسْمُ الرَّاوِي وَهُوَ وَاحِدٌ من عدد ثقاة فَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُسَمَّى مَنْ لَا يَقْطَعُ بِصِحَّتِهِ فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى مَا لَا جَرْحَ فِيهِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَعَ ظُهُورِ الْعُذْرِ فِيهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْرِفَ عَدَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالصَّحَابَةِ.

وَلَيْسَتْ رِوَايَةُ الْعَدْلِ عَنْ غَيْرِهِ دَلِيلًا عَلَى عَدَالَتِهِ، قَدْ يَرْوِي الْعَدْلُ عَنْ عَدْلٍ أَوْ غَيْرِ عَدْلٍ، هَذَا الشَّعْبِيُّ يَقُولُ فِي رِوَايَتِهِ: " حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَكَانَ وَاللَّهِ كَذَّابًا ".

فَإِنْ قِيلَ أَفَيَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ غَيْرِ عَدْلٍ، قِيلَ يَجُوزُ فِي الْمَشَاهِيرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَنَاكِيرِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ الْمُتَقَدِّمُ عَنِ الْمُتَأَخِّرِ، قَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ خَالِدٍ الْحِذَاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ حَدِيثَ الْقُرْعَةِ، وَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدِيثَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ عَنْ يمين

<<  <  ج: ص:  >  >>