للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرَةُ بِنْتُ بَكْرٍ، أَوْ وَصَفَهَا بِالطَّوِيلَةِ وَهِيَ قَصِيرَةٌ صَحَّ الْعَقْدُ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مُخَالَفَةُ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ، وَالصِّفَةِ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أبلغ في التعيين من كل اسم وصفة.

وأما الاسم فقد يتعين بِهِ الْغَائِبَةُ إِذَا لَمْ يُشَارِكْهَا فِيهِ غَيْرُهَا، وَهُوَ فِي الْأَغْلَبِ إِذَا انْفَرَدَ عَنْ نَسَبٍ لا يقع به التمني، فَإِنْ قُرِنَ بِهِ النَّسَبُ نُظِرَ، فَإِنْ لَمْ يُشَارِكْهَا فِيهِ غَيْرُهَا مِنَ النِّسَاءِ تَمَيَّزَتْ بِهِ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِمَا تَمَيَّزَتْ بِهِ مِنَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمَنْكُوحَةِ وإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزِ الِاسْمُ والنسب عن غيرهما مِنَ النِّسَاءِ لِمُشَارَكَتِهَا فِيهِ لِغَيْرِهَا نُظِرَ، فَإِنْ نوى الزوج والولي في نفوسهما فالإشارة للمنكوحة صَحَّ الْعَقْدُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ عُقُودِ الْمَنَاكِحِ، وإن لم ينو لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاشْتِبَاهِ الْمَنْكُوحَةِ بِغَيْرِهَا وَصَارَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ: قَدْ زَوَّجْتُكَ امْرَأَةً، وَأَمَّا الصِّفَةُ فلا تكون بانفرادها مميزة للمنكوحة عن غَيْرِهَا لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي الصِّفَاتِ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهَا مَعَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّمْيِيزُ مِنِ اسم، أو نسب، أو نية مثل سودة بنت زيد بن خالد وله بنات فيهن المنكوحة.

لما الاسم إذا لم يشتركن فيه فنقول حَفْصَةُ، أَوْ عَمْرَةُ.

وَإمَّا بِالصِّفَةِ، إِذَا لَمْ يَشْتَرِكْنَ فِيهَا فَيَقُولُ الطَّوِيلَةُ، أَوِ الْقَصِيرَةُ، أَوْ يَقُولُ: السَّوْدَاءُ أَوِ الْبَيْضَاءُ أَوْ يَقُولُ: الصَّغِيرَةُ أَوِ الْكَبِيرَةُ فَتَصِيرُ الصِّفَةُ مُمَيِّزَةً لِلْمَنْكُوحَةِ وَلَوْلَاهَا لاشتبهت وإذا كان كذلك فأراد أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلا بنت جَازَ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي وَلَا يَذْكُرَ لها اسماً ولا صفة، لأنها قد تعنت فِي الْعَقْدِ فَصَحَّ فَإِنْ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ اسْمًا أَوْ صِفَةً: فَقَالَ: بِنْتِي حَفْصَةَ أَوْ قَالَ: بِنْتِي الطَّوِيلَةَ فَقَدْ أَكَّدَ إِنْ وَافَقَ الاسم والصفة ولم يؤثر فِيهِ إِنْ خَالَفَ الِاسْمَ وَالصِّفَةَ قَوْلُهُ: عَمْرَةُ وَقَدْ سَمَّاهَا حَفْصَةَ وَكَانَتْ قَصِيرَةً وَقَدْ وَصَفَهَا طَوِيلَةً، لِأَنَّ الِاسْمَ قَدْ يَنْتَقِلُ، وَالْقَصِيرَةُ قَدْ تَكُونُ طَوِيلَةً بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ هِيَ أَقصْرُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ الْمُزَوِّجِ عِدَّةُ بَنَاتٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِأَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي حَتَّى يُمَيِّزَهَا عَنْ سَائِرِهِنَّ إِمَّا بِنْيَةٍ يَتَّفِقُ الْأَبُ وَالزَّوْجُ بِهَا عَلَى إِرَادَةِ إِحْدَاهُنَّ بِعَيْنِهَا.

وإما باسم، أو صفة، فيقول: بنتي حفصة فيصفها بالاسم من غير أن يَقُولَ بِنْتِي الصَّغِيرَةَ فَتَصِيرُ بِالصِّفَةِ مُتَمَيِّزَةً فَيَصِحُّ الْعَقْدُ حِينَئِذٍ عَلَيْهَا، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا فَيَقُولُ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي حَفْصَةَ الصَّغِيرَةَ، وَالصَّغِيرَةُ هي حفصة، والكبيرة هي عمرة، فيسم الْمَنْكُوحَةَ بِاسْمِهَا وَيَصِفُهَا بِصِفَتِهَا فَقَدْ أَكَّدَ الِاسْمَ بِالصِّفَةِ فَكَانَ أَبْلَغَ فِي التَّمْيِيزِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا فَسَمَّى الْمَوْصُوفَةَ بِغَيْرِ اسْمِهَا وَوَصَفَ الْمُسَمَّاةَ بِغَيْرِ صِفَتِهَا، لِأَنَّ حَفْصَةَ هِيَ الْكَبِيرَةُ وَقَدْ وَصَفَهَا بِالصَّغِيرَةِ، وَعَمْرَةُ هِيَ الصَّغِيرَةُ وَقَدْ وَصَفَهَا بِالْكَبِيرَةِ فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَى الصِّفَةِ دُونَ الِاسْمِ، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَازِمَةٌ وَالِاسْمَ مُنْتَقِلٌ فيقع العقد

<<  <  ج: ص:  >  >>