للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إِلَّا الْأَكْفَاءَ، وَلَا يُزَوِّجُ إِلَّا الْأَوْلِيَاءُ، وَلَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ " وَهَذَا نَصٌّ.

وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ عُضْوٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا كَالنِّصَابِ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ.

وَلِأَنَّهُ أَحَدُ بَدَلَيِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا كَالْبُضْعِ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ يُقَدَّرُ أَقَلُّهُ كَالشُّهُودِ.

وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) {البقرة: ٢٣٧) .

وَمِنَ الْآيَةِ دَلِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا عَامٌ: وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ، مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.

وَالثَّانِي خَاصٌّ: وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا فَرَضَ لَهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اقْتَضَى أَنْ يَجِبَ لَهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ لَهَا الْخَمْسَةُ كُلُّهَا وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَدُّوا الْعَلَائِقَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وما العلائق قال: ما تراضى به الأهلون " فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا تَرَاضَوْا بِهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنِ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدِ اسْتَحَلَّ " يعني فقد استحل بالدرهمين.

وَرَوَى أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جُنَاحَ عَلَى امرئٍ أَنْ يُصْدِقَ امرأةً قليلاً أو كثيراً إذا أشهد وتراضو ".

وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أن امرأة تزوجت على نعلين فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِهَاتَيْنِ النَّعْلَيْنِ؟ فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَجَازَهُ.

وَرَوَى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِرَجُلٍ خَطَبَ مِنْهُ الْمَرْأَةَ الَّتِي بَذَلَتْ نَفْسَهَا لَهُ: " الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حديدٍ ".

وَالْخَاتَمُ مِنَ الْحَدِيدِ أَقَلُّ الْجَوَاهِرِ قِيمَةً، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْقَلِيلِ مِنَ الْمَهْرِ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَدِيدٍ صِينِيٍّ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ ثَمَنُ النَّعْلَيْنِ عَشَرَةَ دراهم

<<  <  ج: ص:  >  >>