للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرَائِطَ تُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْجُمْعَةِ اثْنَانِ مِنْهُمَا شرط في وجوب الجمعة وجوازها والخمسة الباقية شرط فِي وُجُوبِهَا دُونَ جَوَازِهَا

فَأَمَّا الشَّرْطَانِ اللَّذَانِ هما شرط في وجوبها وجوازها فيهما: الْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الْعَقْلِ يُمْنَعُ مِنَ التَّكَلُّفِ، وَعَدَمَ الْإِسْلَامِ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ. ثُمَّ النَّاسُ فِي الْجُمْعَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ؛ ضَرْبٌ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ، وَضَرْبٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ، وَضَرْبٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ

فَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَيَلْزَمُهُمْ إِتْيَانُهَا، وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ إِذَا حَضَرُوا فَهُمُ: الَّذِينَ قَدْ وُجِدَتْ فِيهِمُ الشَّرَائِطُ السَّبْعَةُ

وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ فَهُمُ الْمُقِيمُونَ فِي غَيْرِ أَوْطَانِهِمْ، كَرَجُلٍ دَخَلَ بِالْبَصْرَةِ فَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا سَنَةً لِطَلَبِ عِلْمٍ، أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ، فَهَؤُلَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ لِمُقَامِهِمْ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي انْعِقَادِ الْجُمْعَةِ بِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمْعَةُ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُمْعَةُ انْعَقَدَتْ بِهِ الْجُمْعَةُ كَالْمُسْتَوْطِنِ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجُمْعَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا حَجَّ حِجَّةَ الْوَدَاعِ، وَأَقَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ يوم الجمعة، فلم يُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجمعة، ولا أمر بها أهل مكة

وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ اجْتَمَعَا عِنْدَ الرَّشِيدِ، فَسَأَلَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَةَ، هَلْ كَانَتْ جُمْعَةً أَوْ ظُهْرًا؟ فَقَالَ: جُمْعَةٌ: لِأَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ جُمْعَةٍ لَأَخَّرَ الْخُطْبَةَ. ثُمَّ سَأَلَ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَتْ ظُهْرًا؛ لِأَنَّهُ أَسَرَّ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَوْ كَانَتْ جُمْعَةً لَجَهَرَ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: صَدَقْتَ. وَقَدْ نُقِلَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأبي يوسف رَحِمَهُ اللَّهُ

وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ فَهُمُ: الْمَرْضَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْمَشَقَّةِ فِي حضورها، وَانْعَقَدَتْ بِهِمُ الْجُمْعَةُ إِذَا حَضَرُوهَا لِزَوَالِ عُذْرِهِمْ

وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِينَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حُضُورُهَا وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ إِذَا حَضَرُوا فَهُمْ ثَلَاثَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>