أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنَ الْمُدَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَقَضِّي جَمِيعِ الْمُدَّةِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ الْفَلَسُ قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنَ الْمُدَّةِ كَانَ لِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَيَسْتَرْجِعَ الْأَرْضَ الْمُؤَاجَرَةَ وَيَسْقُطَ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ كَاسْتِرْجَاعِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ. فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ أُقْبِضَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ كَانَ لِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَفْسَخَ مِنَ الْمُدَّةِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ إِذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْفَلَسُ بَعْدَ تَقَضِّي جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَقَدْ صَارَ الْمَعْقُودُ عليه مستهلك فَصَارَتِ الْأُجْرَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ مُسْتَقِرَّةً فَيَضْرِبُ بِهَا الْمُؤَاجِرُ مَعَ الْغُرَمَاءِ كَالْبَائِعِ إِذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي عَيْنَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْفَلَسُ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا كَأَنْ قضى نِصْفهَا وَبَقِيَ نِصْفُهَا فَقَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مَا مَضَى مِنْ نِصْفِ الْمُدَّةِ وَكَانَ لِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ نِصْفِ الْمُدَّةِ وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ إِذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ فَإِذَا فَسَخَ الْمُؤَاجِرُ الْإِجَارَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَرْضِ حِينَئِذٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَشْغُولَةً بِزَرْعِ الْمُفْلِسِ أَوْ خَالِيَةً مِنْ زَرْعِهِ فَإِنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَرْعِهِ اسْتَرْجَعَهَا الْمُؤَاجِرُ وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعُهُ وَلَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزَّرْعِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ حَشِيشًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ كُبْرِهِ وَطُولِهِ فَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُقَرَّ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَالِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ قَلْعُهُ لِلْمُفْلِسِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِهْلَاكِ لِعَيْنٍ نَامِيَةٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ مَوْجُودٍ وَإِذَا أَقَرَّ اسْتَحَقَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ - عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ - وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَصِيلًا لِمِثْلِهِ قِيمَةٌ وَفِيهِ إِنْ قُلِعَ مَنْفَعَةٌ فَلِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى قَلْعِهِ فِي الْحَالِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَيَتَسَلَّمُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ بَيْضَاءَ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَرْكِهِ إِلَى وَقْتِ كَمَالِهِ وَحَصَادِهِ لِيَكُونَ أَوْفَرَ ثَمَنًا فَذَلِكَ لَهُمْ إِنْ بَذَلُوا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أُجْرَةَ مِثْلِ أَرْضِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُجْبِرَهُمْ عَلَى قَلْعِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِرْقٍ ظَالِمٍ فَيُقْلَعُ وَإِنَّمَا هو زرع بحق فأقر فإذا أقر اسْتَحَقَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ أُجْرَةَ مِثْلِ أَرْضِهِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنِ امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِ الْأُجْرَةِ لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِقَلْعِ الزَّرْعِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَسَخَ لِيَصِلَ إِلَى مَنَافِعِ أَرْضِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِفَوَاتِهَا عَلَيْهِ وَفِي إِقْرَارِ الزَّرْعِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ إِبْطَالٌ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ اسْتَحَقَّ الْفَسْخَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ بَائِعِ الْأَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute