أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مُقَدَّرَةً وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُقَدَّرَةً إِبِلًا كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأُصْبُع مُقَدَّرَةً بِعَشْرٍ مِنَ الْإِبِلِ أَثْلَاثًا فِي الْعَمْدِ وَأَخْمَاسًا فِي الْخَطَأِ، فَإِذَا ابْتَاعَهُ بِهَا فَهِيَ مَعْلُومَةُ الْجِنْسِ وَالسِّنِّ مَجْهُولَةُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَفِي جَوَازِ جَعْلِهَا صَدَاقًا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِلْعِلْمِ بِجِنْسِهَا وَسِنِّهَا وَثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهَا.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِنَوْعِهَا وَحَبْسِهَا، وَأَنَّ حُكْمَ الْعُقُودِ أَضْيَقُ وأغلط.
فَأَمَّا الْبَيْعُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، فَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يُخْرِجُهُ على قَوْلَيْنِ كَالصَّدَاقِ، لِأَنَّهُمَا عَقْدَا مُعَاوَضَةٍ، وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ إِلَى بُطْلَانِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى قَوْلَيْنِ، لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِاتِّسَاعِ حُكْمِ الصَّدَاقِ لِثُبُوتِهِ بِعَقْدٍ وَغَيْرِ عَقْدٍ وَضِيقِ حُكْمِ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يُسْتَحَقُّ الثَّمَنُ فِيهِ إِلَّا بِعَقْدٍ.
فَإِنْ قِيلَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ مِنْهَا.
فَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بَرِئَ الْعَبْدُ وَبَائِعُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلَيُّهُ عَيْبًا سِوَى الْجِنَايَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ وَيَعُودَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهَا أَوْ يَفْدِيهِ السَّيِّدُ مِنْهَا.
فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي رَدِّهِ بِعَيْبِهِ وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ ثَمَنِهِ مَعِيبًا؟
قِيلَ: لِجَوَازِ أَنْ يَرْغَبَ فِي ابْتِيَاعِهِ مَنْ يَرْضَى بِعَيْبِهِ فَيَبْرَأُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ ضَمَانِ دَرْكِهِ. وَبِاللَّهِ التوفيق.
تم كتاب جراح العمد والحمد لله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute