للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا قَدْ بَانَتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا هِيَ الزَّوْجَةُ الْمُعْتَدَّةُ، وَلَكِنَّ إِشْكَالَهُمَا قَدْ أَوْجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةِ أشهر وعشر ولا يلزم أن يكون فيها حَيْضٌ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَا يَخْلُو مَوْتُ الزَّوْجِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ عَقِيبَ الطَّلَاقِ قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنَ الْعِدَّةِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، وَعِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَعِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ أَشْكَلَتْ فَأَوْجَبَ إِشْكَالُهُمَا الِاحْتِيَاطَ فِي عِدَّتِهِمَا، وَذَلِكَ بِأَنْ تَعْتَدَّ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، فَإِنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مَكَثَتْ تَمَامَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ اسْتِكْمَالًا لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مَكَثَتْ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ اسْتِكْمَالَا لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: " اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ "، لِأَنَّ الْإِشْكَالَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنَ الْعِدَّتَيْنِ قَدْ أَوْجَبَ حَمْلَهُمَا عَلَى أَغْلَظِ الْأَمْرَيْنِ احْتِيَاطًا فِي الْعِدَّةِ وَاسْتِظْهَارًا لِلْعِبَادَةِ كَمَنْ أَشْكَلَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مِنْ صَلَاتَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَقْضِيَهُمَا عِنْدَ الْإِشْكَالِ كَذَلِكَ هَاهُنَا.

والْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ الزَّوْجُ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ وَبَقَاءِ بَعْضِهَا، كَأَنَّهُ مَاتَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الْعِدَّةِ قُرْءُ وَبَقِيَ قُرْءَانِ فَعَلَى كُلِّ واحدة منهما أن تعتد بأربعة أشهر فيما حَيْضَتَانِ، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ حَيْضَتَانِ مَكَثَتْ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ حَيْضَتَيْنِ لِتَنْقَضِيَ بِالْحَيْضَتَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمُوتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَيْضٌ، لِأَنَّهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ مَحْضَةٍ اخْتَصَّتْ بِإِحْدَاهُمَا، وَإِنَّمَا اشْتَرَكَا فِي الْتِزَامِهِمَا بِحُكْمِ الْإِشْكَالِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ فَعِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَعِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَتَعْتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِشْكَالِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا فَهَذَا حُكْمُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِ أَحْوَالِهِمَا.

فَأَمَّا إِنِ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمَا فَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَدْخُولًا بِهَا وَالْأُخْرَى غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا حَامِلًا وَالْأُخْرَى حَائِلًا، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَالْأُخْرَى مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ، فَأُجْرِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُكْمُهَا الَّذِي أَجْرَتْهُ عَلَيْهَا لَوْ شاركتها الأخرى من صِفَتِهَا فَتُجْرِي عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا حُكْمَهَا كَمَا لَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى مَدْخُولًا بِهَا وَتُجْرِي عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا حُكْمَهَا لَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَتُجْرِي عَلَى الْحَامِلِ حُكْمَهَا لَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى حَامِلًا، وَيَجْرِي عَلَى الْحَائِلِ حكمها لَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى حَائِلًا، وَيَجْرِي عَلَى ذَوَاتِ الأقراء حكمها لَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى ذَاتَ الْأَقْرَاءِ وَعَلَى ذَاتِ الشهور حكمها إذا لو كَانَتِ الْأُخْرَى ذَاتَ شُهُورٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>