ضَرَرٌ دَاخِلٌ لِتَقَاعُدِهِ بِالْمَالِكِ فِي بَدَلِ النَّجْشِ مِنَ الثَّمَنِ لِتَثَبُّتِهِ بِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى ابْتِيَاعِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِشُفْعَتِهِ، وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِمُقَاسِمَةِ شَرِيكِهِ وَمَا كان موضوعاً لرفع الضَّرَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ الضَّرَرُ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ فِي الْمُشْتَرَكِ إِنَّمَا هُوَ لضرر لا يقدر على دفعه وهو مؤونة الْقِسْمَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ " فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَبْهَمَ الْحَقَّ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْعُمُومِ فِي مُضْمَرٍ لِأَنَّ الْعُمُومَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَنْطُوقِ دُونَ الْمُضْمَرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْفِنَاءِ مِنَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ والجار ممن ليس بجار أو أن يكون مرتفعاً بِهِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ فِي الْبَادِيَةِ إِذَا انْتَجَعُوا أَرْضًا فَنَزَلُوهَا كَانَ جَارُ الْمَنْزِلِ الْمُقَارِبِ لَهُمْ أَحَقَّ بِالْمَكَانِ إِذَا رَحَلَ النَّازِلُ عَنْهُ لِصَقَبِهِ وَالصَّقَبِ عَمُودُ الْخَيْمَةِ عَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ الْقُرْبُ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
(كوفيةٌ نَازِحٌ مَحَلَّتُهَا ... لَا أَمَمٌ دَارُهَا وَلَا صَقَبُ)
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ " فَرِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي لِقَاءِ الْحَسَنِ سَمُرَةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَلْقَهُ وَقَالَ آخَرُونَ لَقِيَهُ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا وَلَيْسَ هُوَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ لَكَانَ عَنْهُ الْجَوَابَانِ الْمَذْكُورَانِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا " فَرِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَكَانَ ضَعِيفًا وَقَالَ شُعْبَةُ: لَوْ رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ حَدِيثًا آخَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشُّفْعَةِ بَطَلَ حَدِيثُهُ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ عَلَى تَسْلِيمِهِ عَلَى عَرْضِ هَذَا الْمَبِيعِ عَلَى جَارِهِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ الرَّابِعِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنَ الشَّفِيعِ وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ " هُوَ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ عِنْدَ الطَّلَبِ وَقْتَ الشِّرَاءِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ الْخَامِسِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلشَّرِيدِ: " أَنْتَ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِكَ يَا شَرِيدُ " فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute