للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ عَلِمُوا بِحَالِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ كَالْمُصَلِّي خَلْفَ جُنُبٍ

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَكُونَ لَحْنُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحِيلَ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُحِيلَهُ، فَإِنْ لَمْ يُحِلِ الْمَعْنَى فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ كَقَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] بفتح الدال {وإياك نستعين اهْدِنَا الصِّرَاطَ} [الفاتحة: ٥، ٦] بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ نَسْتَعِينُ وَفَتْحِ الْأَلِفِ مِنَ اهْدِنَا، فَهَذَا اللَّحْنُ وَأَشْبَاهُهُ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِلَفْظِهِ وَإِنْ أَسَاءَ فِي الْعِبَارَةِ بِلَحْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ سُوءُ عِبَارَتِهِ مَعَ اسْتِيفَاءِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مُؤَثِّرًا فِي صَلَاتِهِ

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُحِيلَ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ، كَقَوْلِهِ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ بِضَمِّ التَّاءِ، وَلَا الظَّالِّينَ بِالظَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ عَلَى الشَّيْءِ، لَا مِنَ الضَّلَالِ إِلَى مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى. فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِإِحَالَةِ الْمَعْنَى مَعَ مَعْرِفَةِ الصَّوَابِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ، فَهَذَا فَاسِقٌ بَلْ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنَادًا كَانَ كَافِرًا وَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَلَاتِهِ، عادل عن وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ إِنْ عَلِمُوا بِحَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بحاله فصلاتهم جائزة، إلا أن يحكم بكفر الْإِمَامُ لِاسْتِهْزَائِهِ فَلَزِمَهُمُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بحاله كالمؤتم الكافر

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِحَالَةِ الْمَعْنَى، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّوَابِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهَا سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَعَادَ قِرَاءَةَ مَا أَحَالَ مَعْنَاهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَدْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ. فَفِي صَلَاتِهِ قَوْلَانِ مَضَيَا

أَحَدُهُمَا: بَاطِلَةٌ

وَالثَّانِي: جَائِزَةٌ

وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ فَإِنْ جَوَّزْنَا صَلَاتَهُ فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ وَإِنْ أَبْطَلْنَا صَلَاتَهُ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ بَاطِلَةٌ إِنْ عَلِمُوا بِحَالِهِ، وَجَائِزَةٌ إِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِحَالِهِ

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يِقْدِرَ عَلَى الصَّوَابِ إِمَّا لِبُطْءِ ذِهْنِهِ وَقِلَّةِ ضَبْطِهِ، أَوْ لِاضْطِرَابِ لِسَانِهِ وَتَعَذُّرِ اسْتِقَامَتِهِ، فَصَلَاتَهُ فِي نَفْسِهِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا لَا يُمْكِنُهُ الزِّيَادَةُ عليه. فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>