وَالثَّانِي: مَهْرٌ مُطْلَقٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلِلْمُفَوَّضَةِ مُتْعَةٌ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ بِالْمَوْتِ، قَبْلَ الدُّخُولِ، وَفِي الْمُفَوَّضَةِ قَوْلَانِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَفْوِيضُ الْمَهْرِ، كَتَفْوِيضِ الْبُضْعِ، وَلَيْسَ لَهَا إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَّا الْمُتْعَةُ احْتِجَاجًا بِأَنَّ الْعَقْدَ، خَلَا عَنْ مَهْرٍ لَازِمٍ، فَكَانَ تَفْوِيضًا، كَمَا لَوْ خَلَا مِنْ ذِكْرِ مَهْرٍ.
وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّهُ عَقَدٌ تَضَمَّنَ مَهْرًا فَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّفْوِيضِ، كَالْمَهْرِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَسْلِيمُ بُضْعٍ بِغَيْرٍ بَدَلٍ، وَهَذَا تَسْلِيمُهُ بِبَدَلٍ، وَإِنْ فَسَدَ.
وَفَرْقٌ فِي الْأُصُولِ بَيْنَ التَّسْلِيمِ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَبَيْنَ التَّسْلِيمِ بِبَدَلٍ فَاسِدٍ فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَلَّكْتُكِ عَبْدِي هَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْ بَدَلَا، جَعَلْنَا ذَلِكَ هِبَةً لَا تُوجِبُ الْبَدَلَ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ مَلَّكْتُكِ عَبْدِي بِثَمَنٍ فَاسِدٍ، صَارَ بيعاً فاسداً، يوجب البدل، فدل على افتراض الْأَمْرَيْنِ.
فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا: فَأَحْوَالُ مَنْ لَا يَسْتَقِرُّ لَهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَهْرٌ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ.
قِسْمٌ تَكُونُ مُفَوَّضَةً: وَقِسْمٌ لَا تَكُونُ مُفَوَّضَةً، وَقِسْمٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَوْنِهَا مُفَوَّضَةً.
فَأَمَّا الَّتِي تَكُونُ مُفَوَّضَةً فَهِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا، مَعَ إِذْنِهَا، وَجَوَازِ أَمْرِهَا، أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا.
وَأَمَّا الَّتِي لَا تَكُونُ مُفَوَّضَةً: فَهِيَ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى مَهْرٍ مَجْهُولٍ، أَوْ حَرَامٍ، أَوْ فَوَّضَهَا وَلِيُّهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا.
وَأَمَّا الَّتِي اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَوْنِهَا مُفَوَّضَةً: فَهِيَ الَّتِي تُرِكَ ذِكْرُ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
فَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: لَيْسَتْ مُفَوَّضَةً.
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهَا مُفَوَّضَةٌ. وَاللَّهُ أعلم.