والوجه الثاني: أنه تقوم الأم يوم موت الْمُوصِي، وَيُقَوَّمُ الْوَلَدُ يَوْمَ وُلِدَ، وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا مِنَ الثُّلُثِ. فَإِنِ احْتَمَلَهُمَا الثُّلُثُ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا، وَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا، أُمْضِيَ لَهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِهِمَا: قَدْرَ مَا احْتَمَلَهُ الثلث منهما من غير تفضيل.
ثم إذا صحت الوصية لهما، لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُمَا، فَقَدْ عُتِقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ بالملك، وله ولاؤه لحدوث عتقه بعد رقه.
فلم تَصِرِ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، لِأَنَّهَا عَلِقَتْ به فِي نِكَاحٍ.
فَهَذَا إِذَا قُلْنَا إِنَّ لِلْحَمْلِ حكما.
وإذا قُلْنَا إِنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ. فَفِيهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ، فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ هَلْ يَقَعُ بِهِ التَّمْلِيكُ؟ أَوْ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ.
فَإِنْ قِيلَ إِنَّ القبول هو الملك، فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَمْلُوكٌ للموصي ومضموم إلى تركته ثم منتقل عَنْهُ إِلَى وَرَثَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ حَادِثٌ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ لِلْمُوصِي مِلْكٌ.
وَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْقَبُولَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَقَدْ عُتِقَ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَلَا تَكُونُ أُمُّهُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَفِيمَا يُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ وَجْهَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حَادِثًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وقبل الموت، فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، فَفِي الْوَلَدِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْقَبُولِ.
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْقَبُولَ هُوَ الْمُمَلِّكُ، فَالْوَلَدُ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ جُعِلَ لِلْحَمْلِ حُكْمٌ، فَقَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُوصِي، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لِلْحَمْلِ حُكْمٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ للموصي وتنتقل عَنْهُ إِلَى الْوَرَثَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ ولم يثبت على مِلْكِ الْمُوصِي. وَلَا يُحْتَسَبْ عَلَيْهِمْ مِنْ تَرِكَتِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْقَبُولَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ، فَالْوَلَدُ لِلْمُوصَى لَهُ وَقَدْ عُتِقَ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَلَا تَصِيرُ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَفِيمَا يُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تُقَوَّمُ الْأُمُّ حَامِلًا عِنْدَ الْمَوْتِ لَا غَيْرَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُقَوَّمُ الْأُمُّ عِنْدَ الموت، ويقوم الولد عند الوضع وتعتبر قيمتها جَمِيعًا مِنَ الثُّلُثِ.
وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حين موت الموصي.