الْقَوَدُ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ تَكُونُ لِلْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَنْدَمِلَ الْقَطْعُ الْأَوَّلُ، وَيَسْرِي الثَّانِي إِلَى النَّفْسِ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِسَيِّدِهِ دُونَ الْقِصَاصِ، وَعَلَى الثَّانِي الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ أَوِ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَنْدَمِلَ الْقَطْعُ الثَّانِي، وَيَسْرِيَ الْأَوَّلُ إِلَى النَّفْسِ، فَيَكُونُ فِي الْقَطْعِ الثَّانِي الْقَوَدُ، لِأَنَّهُ مِنْ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ، فَإِنْ عَفَي عَنْهُ فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْمُعْتَقِ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَأَمَّا الْقَطْعُ الْأَوَّلُ فَقَدْ صَارَ نَفْسًا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِاسْتِقْرَارِهَا فِي حُرٍّ، وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ القِيمَةِ أَوِ الدِّيَةِ، كَمَا لَوْ تَفَرَّدَ الْأَوَّلُ بِقَطْعِهِ دُونَ الثَّانِي، وَلَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ جَمِيعِ قِيمَتِهِ أَوْ نِصْفِ دِيَتِهِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنَّ يَسْرِيَ الْقَطْعَانِ إِلَى نَفْسِهِ فَيَمُوتَ، فَالْكَلَامُ فِي فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي الْقِصَاصِ.
وَالثَّانِي: فِي الدِّيَةِ.
فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ الْقَاطِعِ فِي الرِّقِّ قِصَاصٌ فِي الْيَدِ، وَلَا قَوَدٌ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّهُ قَاطِعٌ فِي الرِّقِّ فَتَبِعَهُ حُكْمُ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ، لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُضْمَنْ جِنَايَتُهُ بِالْقِصَاصِ لَمْ تُضْمَنْ سِرَايَتُهُ بِالْقَوَدِ. كَمَا أَنَّ مَا لَمْ تُضْمَنْ جِنَايَتُهُ بِالْأَرْشِ لَمْ تُضْمَنْ سِرَايَتُهُ بِالدِّيَةِ.
وَأَمَّا الْقَاطِعُ الثَّانِي بَعْدَ الْعِتْقِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ وَالْقَوَدُ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ فِي حَالِ الْقَطَعِ وَالسِّرَايَةِ.
وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّ النَّفْسَ تَلِفَتْ بِسِرَايَةِ جُرْحَيْنِ مُمْتَزِجَيْنِ فَأَوْجَبَ سُقُوطُ الْقَوَدِ فِي أَحَدِهِمَا سُقُوطَهُ فِي الْآخَرِ كَاشْتِرَاكِ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ، وَهَذَا فَاسِدٌ بِاشْتِرَاكِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي قَتْلِ عَبْدٍ، وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ، لَا يَكُونُ سُقُوطُ الْقَوَدِ عَنِ الْحُرِّ وَالْمُسْلِمِ مُوجِبًا لِسُقُوطِهِ عَنِ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ، لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الْفَضْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْكَفَّارَةِ كَذَلِكَ فِي سِرَايَةِ الْقَطْعِ، وَخَالَفَ اشْتِرَاكَ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْفَضْلِ.
وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَيْهَا دِيَةُ حُرٍّ لِاسْتِقْرَارِ جِنَايَتِهَا فِي حُرٍّ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا، وَلَا يَتَحَمَّلُ الْقَاطِعُ فِي الرِّقِّ أَقَلَّ مِمَّا يَتَحَمَّلُهُ الْقَاطِعُ بَعْدَ الْعِتْقِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا يَتَحَمَّلَانِهِ لاختلافهما في رقه وحريته؛ كما لو