للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلان عن فلان؟ قال: نعم قلت فالخبر هو ما استوى فيه المخبر والمخبر والعامة من حلال أو حرام؟ قال نعم قلت والشهادة ما كان الشاهد منه خليا والعامة وإنما تلزم المشهود عليه؟ قال نعم: قلت أفترى هذا مشبها لهذا؟ قال أما في هذا فلا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذْ قَدْ مَضَى مَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَدَدِ الْمَقْبُولِ مِنْهُنَّ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسٍ وَيُحْكَى عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ إِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ ثَلَاثَةُ نِسْوَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْهُنَّ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ: إِنَّهُ يُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ.

وَالرَّابِعُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْبَلُ فِي الْوِلَادَةِ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا، وَلَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْقَابِلَةِ إِلَّا مَعَ غَيْرِهَا.

وَالْخَامِسُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْقَابِلَةَ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ قَابِلَةٍ إِلَّا وِلَادَةَ الْمُطَلَّقَةِ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ، اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَى ابْنُ الْمَدَائِنِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ " وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَتَهَا "، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ، فَكَانَ هَذَا نَصًّا وَإِجْمَاعًا، وَلِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْخَبَرِ، فَلَمَّا قُبِلَتْ وَحْدَهَا فِي الْأَخْبَارِ قُبِلَتْ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهَا حَالٌ يَحْتَشِمُ فِيهَا مَنْ عَدَا الْقَابِلَةَ، فَجَازَ قَبُولُ شَهَادَتِهَا وَحْدَهَا، اعْتِبَارًا بِالضَّرُورَةِ.

وَلِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى رَدُّ الْوَاحِدِ وَمَنْ زَادَ عَلَيْهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْوَاحِدَةُ مُسَاوِيَةً لِمَنْ زَادَ عَلَيْهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُقْبَلُ فِيهِ.

وَأَمَّا مَالِكٌ فَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُنَّ لَمَّا قُمْنَ فِي انْفِرَادِهِنَّ بِالْقَبُولِ مَقَامَ الرِّجَالِ، وَجَبَ أَنْ يَقُمْنَ فِي الْعَدَدِ مَقَامَ الرِّجَالِ فِي الْقَبُولِ، وَأَكْثَرُ عَدَدِ الرِّجَالِ اثْنَانِ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ عَدَدِ النِّسَاءِ اثْنَتَيْنِ وَأَمَّا الْبَتِّيُّ فَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَمَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ لِلرَّجُلِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَنْفَرِدْنَ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَبْدَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَنْفَرِدْنَ فِيهِ فَيَصِيرُونَ ثَلَاثًا.

وَدَلِيلُنَا عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ أَنْقَصُ مِنْ شَهَادَةِ الرِّجَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>