للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَعْدَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ متى شاء أسلم وكانت امرأته، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نفقة في أيام كفرها وإن دفعها إليها فلم يسلم حتى انقضت عدتها فلا حق له لأنه تطوع بها وقال في كتاب النكاح القديم فإن اسلم ثم أسلمت فهما على النكاح ولها النفقة في حال الوقف لأن العقد لم ينفسخ (قال المزني) رحمه الله: الأول أولى بقوله لأنه تمنع المسلمة النفقة بامتناعها فكيف لا تمنع الوثنية بامتناعها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي زَوْجَيْنِ وَثَنِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَ أَحَدَهُمَا، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا مِنْ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الزَّوْجَةَ لَمْ يَخْلُ إِسْلَامُهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ يَبْطُلُ نِكَاحُهَا وَسَقَطَ مَهْرُهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْمَهْرُ قَدِ اسْتَكْمَلَتْهُ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْإِسْلَامِ وَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لَهَا فِي زَمَانِ الْعِدَّةِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَا عَلَى النِّكَاحِ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوِ افْتَرَقَا فِيهِ بِمُقَامِ الزَّوْجِ عَلَى كُفْرِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا فَقَدْ كَانَ مُمْكِنًا مِنْ تَلَافِيهِ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتْهَا فَصَارَتِ الْفُرْقَةُ مَنْسُوبَةً إِلَى اخْتِيَارِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا هُوَ الزَّوْجَ لَمْ يَخْلُ إِسْلَامُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ نِكَاحُهَا وَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَطَلَ نِكَاحُهَا وَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا بِمُقَامِهَا عَلَى الشِّرْكِ الَّذِي يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ النَّاشِزِ فَكَانَتْ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ أَحَقَّ، وَلَئِنْ كَانَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَهَا تَلَافِي التَّحْرِيمِ بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هِيَ مَأْمُورَةٌ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ فِي زَمَانِ وَقْفِهَا فِي الشِّرْكِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ الزَّوْجِ قَدْ شَعَّثَ الْعَقْدَ وَأَحْدَثَ فِيهِ خَلَلًا، فَإِذَا اسْتَدْرَكَتْهُ الزَّوْجَةُ بِإِسْلَامِهَا زَالَ حُكْمُهُ فَاسْتَحَقَّتِ النَّفَقَةَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّ مَقَامَهَا عَلَى الْكُفْرِ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ النُّشُوزِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْإِقْلَاعُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقَ النَّفَقَةِ فِيهِ فَكَانَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ الْكُفْرِ أَوْلَى أَنْ لَا تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ عَجَّلَ لَهَا نَفَقَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِاسْتِحْقَاقِهَا فِيهِ.

فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: إنه لا نفقة لها ينظر فِي زَمَانِ التَّعْجِيلِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>