وَقَالَ زفر: كُلُّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ آلَةٍ وَقُمَاشٍ، لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فَجَمِيعُهُ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ وَلِأَجْلِهِ احْتَرَزَ الشُّرْطِيُّونَ فِي كُتُبِهِمْ فَقَالَ: وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا. وَهَذَا أَظْهَرُ فَسَادًا مِنْ مَذْهَبِ أبي حنيفة، وَلَوْ جَازَ دُخُولُ هَذَا فِي الْبَيْعِ لِجَازَ دُخُولُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ وَمَاشِيَةٍ وَطَعَامٍ وَمَا أَحَدٌ قَالَ بِهَذَا تَعْلِيلًا بِالِانْفِصَالِ.
وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مُنْفَصِلًا وَكَذَا كُلُّ مَا فَصَلَ مِنْ أَدِلَّةِ الْبِنَاءِ مِنْ آجُرٍّ وَخَشَبٍ فَلَمْ تُسْتَعْمَلْ أَوْ كَانَتْ أَبْوَابًا فَلَمْ تُنْصَبْ فَكُلُّ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنَ الْبَيْعِ لِانْفِصَالِهِ. فَأَمَّا السُّلَّمُ وَدَرَجُ الْخَشَبِ فَإِنْ كَانَتْ مُثَبَّتَةَ الطَّرَفَيْنِ دَخَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ لِاتِّصَالِهِ بِالْبُنْيَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً تُرْفَعُ وَتُوضَعُ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ لِانْفِصَالِهَا عَنِ الْبُنْيَانِ.
وَكَذَا الرفوف فإن كانت مبينة أَوْ مُسَمَّرَةً دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، وَهَكَذَا الْإِغْلَاقُ وَالْإِقْفَالُ مَا كَانَ مِنْهَا مُنْفَصِلًا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ وَمَا كَانَ مِنْهَا مُتَّصِلًا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ وَفِي دُخُولِهِ مِفْتَاحَهُ وَجْهَانِ وَهَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مُنْفَصِلًا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إِلَّا مَعَ مُتَّصِلٍ بِالدَّارِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِمُتَّصِلٍ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُنْفَصِلٌ.
وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ دُكَّانًا عَلَيْهِ دُرُبَاتٌ تُغْلَقُ بِهَا يُرِيدُ بِهِ أَلْوَاحُ الدُّكَّانِ فَمَا كَانَ مُتَّصِلًا مِنْهَا بِالْحَائِطِ مِنَ الْجَنْبَيْنِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِاتِّصَالِهِ، وَفِي دُخُولِ الْأَلْوَاحِ الْمُنْفَصِلَةِ وجهان وكذا التثور الْمَبْنِيُّ دَاخِلٌ فِي الْمَبِيعِ وَفِي دُخُولِ رَأْسِهِ وَجْهَانِ، وَهَكَذَا السَّفِينَةُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ آلتها ما كان متصلا وفي دخول مالا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ آلَتِهَا الْمُنْفَصِلَةِ وَجْهَانِ. فَأَمَّا الْحَبَابُ الْمَدْفُونَةُ فَإِنْ كَانَ دَفَنَهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا على التأبيد كحباب الزياتين، والبرازين، وَالدَّهَانِينَ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ دَفَنَهَا اسْتِيدَاعًا لَهَا فِي الْأَرْضِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ حِجَارَةِ الْأَرْضِ مَا كَانَ مَبْنِيًّا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا.
فَأَمَّا إِنِ اتَّصَلَ بِالدَّارِ حُجْرَةٌ أَوْ سَاحَةٌ أَوْ رَحْبَةٌ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ حُدُودِ الدَّارِ الَّتِي لَا تَمْتَازُ الدَّارُ عَنْ غَيْرِهَا إِلَّا بِهَا وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إِلَّا بِذِكْرِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ حُدُودٍ فِي الْغَالِبِ فَإِنِ اسْتَوْفَى ذِكْرَهَا صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ ذَكَرَ مِنْهَا حَدًّا أَوْ حَدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ حُدُودٍ وَأَغْفَلَ الرَّابِعَ، فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ لَا تَتَمَيَّزُ بِذِكْرِ الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ. وَإِنْ تَمَيَّزَتْ بِذِكْرِ الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ لِحُصُولِ الِامْتِيَازِ، وَفِيهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْبَيْعَ بِإِغْفَالِ ذِكْرِهِ بَاطِلٌ.
فَأَمَّا إِنِ اتَّصَلَ بِالدَّارِ سَابَاطٌ عَلَى حَائِطٍ مِنْ حُدُودِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute