يَسْتَحِقَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالنَّقْصِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَى الدَّافِعِ، وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ فِي الرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ، أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الضَّامِنِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالنَّقْصِ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّافِعِ هُوَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الدَّافِعِ وَلَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَلِذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَى الدَّافِعِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الضَّامِنِ.
فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إِذَا رَجَعَ الْقَابِضُ عَلَى الضَّامِنِ بِالنَّقْصِ فَلَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الدَّافِعِ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ بأمره لأنه بإكذاب القابض مقرا بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ.
وَلَكِنْ إِنْ أَكْذَبَهُ الدَّافِعُ وَصَدَّقَهُ الضَّامِنُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الدَّافِعِ مَقْبُولٌ وَالضَّامِنُ قَدْ صَدَّقَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ لَمْ يَكُنْ لِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الدَّافِعِ أَيْضًا، لِإِنْكَارِ الدَّافِعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْقَابِضِ عَلَى الدَّافِعِ وَلَا يُقْبَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ الضَّامِنِ، إِنَّهُ بَرِيءُ الذِّمَّةِ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ، وَمُرْتَهَنُ الذِّمَّةِ بِحَقِّ الْقَابِضِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ، فَهَذَا إِذَا ضَمِنَ لَهُ نَقْصَ الْوَزْنِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَضْمَنَ لَهُ نَقْصَ الصِّفَةِ وَهُوَ أَنْ يُبَدِّلَ لَهُ مِنْهَا مَا كَانَ رَدِيئًا فِيهَا فَإِذَا رَدَّ مِنْهَا شَيْئًا ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا فَإِنْ صَدَّقَهُ الدَّافِعُ وَالضَّامِنُ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يُبَدِّلَهَا مِمَّنْ شَاءَ مِنَ الدَّافِعِ وَالضَّامِنِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهَا مِنَ الدَّافِعِ كَانَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِ الْبَدَلِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِرْجَاعِ الرَّدِّ الْمُبْدَلِ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ بَدَلِهَا مِنَ الضَّامِنِ لَمْ يَكُنْ لِلضَّامِنِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِ الْبَدَلِ لِيَسْتَرْجِعَ الرَّدَّ الْمُبْدَلَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَالدَّافِعُ يَمْلِكُهُ، وَقِيلَ لِلضَّامِنِ لَكَ أَنْ تَفْسَخَ الْقَضَاءَ فِي الْقَدْرِ الْمَرْدُودِ وَتَدْفَعَ إِلَيْهِ بِوَزْنِهِ جَيِّدًا وَيَكُونُ الرَّدُّ مَعَ الْقَابِضِ لِيَتَوَلَّى رَدَّهُ عَلَى الدَّافِعِ.
فَإِنْ قَبَضَ الضَّامِنُ الرَّدِيءَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، وَصَارَ بِقَبْضِهِ مُتَعَدِّيًا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الدَّافِعُ فِي اسْتِرْجَاعِهِ إِذْنًا صَرِيحًا فَلَا يَضْمَنُ.
فَلَوْ أَحْضَرَ الْقَابِضُ رَدِيئًا زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الدَّرَاهِمِ فَكَذَّبَهُ الدَّافِعُ وَالضَّامِنُ مَعًا فَإِنْ كَانَ رَدُّهَا عَيْبًا لَا يخرجها من جنس الدراهم كالعتق والصفة الجنسية لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْقَابِضِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ رَدُّهَا يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ كالزائفة وَالصُّفْرِ الْمَطْلِيِّ فَقَوْلُ الْقَابِضِ مَقْبُولٌ عَلَى الدَّافِعِ كَمَا لَوِ ادَّعَى نَقْصَ الْوَزْنِ، وَهَلْ يُقْبَلُ عَلَى الضَّامِنِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute