للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" الْجِنَازَةُ متبوعةٌ لَا تَتْبَعُ لَيْسَ مِنْهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا " وَبِمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " فَضْلُ الْمَشْيِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ كَفَضْلِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى النَّافِلَةِ، سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي خَلْفَهَا، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَامَهَا، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَعْلَمَانِ أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ، وَلَكِنَّهُمَا يُسَهِّلَانِ عَلَى النَّاسِ.

قَالُوا: وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الْجِنَازَةَ تَقُولُ قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي ".

ودليلنا على فضل الشيء رِوَايَةُ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَلَفْظَةُ كَانَ عِبَارَةٌ عَنْ دَوَامِ الْفِعْلِ وَالْمُقَامِ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَلُ الْجَائِزَ مَرَّةً وَلَا يَدُومُ إِلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ مَشَى خَلْفَ الْجِنَازَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّاسِ فِي جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ امْشُوا أَمَامَ أُمِّكُمْ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَنْهَى بِفِعْلِ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا لِفَضْلِ مَا أَمَرَ بِهِ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ، وَلِأَنَّ أَفْضَلَ مَنْ مَشَى مَعَ الْجِنَازَةِ حَامِلُهَا لأن له أجرين، والماشي مَعَ الْجِنَازَةِ أَجْرٌ، ثُمَّ كَانَ مَنْ حَمَلَ قدام الجنازة أفضل من حَمَلَ مِنْ مُؤَخَّرِهَا، كَذَلِكَ مَنْ مَشَى أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مِمَّنْ مَشَى خَلْفَهَا.

فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَضَعِيفُ الْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا " يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا وَانْقَطَعَ مِنْهَا.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَأَضْعَفُ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ مُطَرِّفِ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَ كَذَّابًا يَضَعُ الْحَدِيثَ، عَلَى أن خبرنا أولى منه، لأنه يفعل فعل دوام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>