مَخَاضٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْهُ: لَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تَكُونَ عَشْرًا فَتَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ، فَيَكُونَ فِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ.
وَقَالَ أبو حنيفة وَصَاحِبَاهُ: يَسْتَأْنِفُ الْفَرْضَ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَيَكُونُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ وَشَاةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ، حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ، كَقَوْلِنَا ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ فَرْضَ الشِّيَاهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بن ضمرة عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَإِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ استؤنفت الفريضة، في كل خمس شاة، ولرواية أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَتَبَ إِلَيْهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ إِلَى الْيَمَنِ: وَفِيهِ الْعَقْلُ، وَالْأَسْنَانُ، وَنُصُبُ الزَّكَوَاتِ، فَإِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، قَالُوا وَلِأَنَّ الشَّاةَ فَرْضٌ يَتَكَرَّرُ قَبْلَ الْمِائَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَكَرَّرَ بَعْدَهَا كَالْحِقَاقِ وبنات اللبون، قالوا: وَلِأَنَّكُمْ إِذَا أَوْجَبْتُمْ بِالْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ لَمْ تَنْفَكُّوا مِنْ مخالفة الخبر ومخالفة أُصُولِ الزَّكَوَاتِ، لِأَنَّكُمْ إِنْ قُلْتُمْ إِنَّ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ تَجِبُ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَقَدْ خَالَفْتُمُ الْخَبَرَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ " وَأَنْتُمْ أَوْجَبْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ وَثُلُثٍ، وَإِنْ قُلْتُمْ إِنَّ بَنَاتِ اللَّبُونِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَإِنَّ الْوَاحِدَةَ الزَّائِدَةَ وَقْصٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْفَرْضُ، خَالَفْتُمْ أُصُولَ الزَّكَوَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مُغَيِّرٍ لِلْفَرْضِ فِي أُصُولِ الزَّكَوَاتِ يَتَعَلَّقُ الْفَرْضُ بِهِ، وَيَكُونُ الْفَرْضُ مَأْخُوذًا مِنْهُ وَمِنَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، كَالسَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ وَالسَّادِسِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْوَاحِدِ الزَّائِدِ عَلَى السِّتِّينَ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: فإذا بلغت أحد وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَالدَّلَالَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِقَّتَانِ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِلَى غَايَةٍ وَحَدٍّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بَعْدَ الْحَدِّ وَالْغَايَةِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ.
وَالثَّانِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ " فَاقْتَضَى ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ قَلِيلُ الزِّيَادَةِ وَكَثِيرُهَا مُغَيِّرًا لِلْفَرْضِ عَلَى مَا أَبَانَهُ مِنْ وُجُوبِ بِنْتِ لَبُونٍ فِي أَرْبَعِينَ وَحِقَّةٍ فِي خَمْسِينَ، فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ "، لأن حُكْمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، وَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ، لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute