للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّنَةِ الأولى، لأن فِي الْأُولَى لَا يَجُوزُ أَنْ تُمَلَّكَ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَجُوزُ أَنْ تُمَلَّكَ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِلْكُهُ أَوْهَى مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَارَ الْوَاجِدُ تَمَلُّكَهَا فَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ الْوَاجِدُ قَدْ عَرَّفَهَا فِي الْحَوْلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا، وَلَا تَصِيرُ لَهُ مِلْكًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَالْكَلَامُ فِي صَاحِبِهَا إِذَا رُدَّتْ إِلَيْهِ عَلَى مَا مَضَى.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ قَدْ عَرَّفَهَا فِي الْحَوْلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا، وَبِمَاذَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ، فَإِذَا اخْتَارَ تَمَلُّكَهَا فَقَدْ مَلَكَهَا سَوَاءٌ انْتَقَلَتِ الْعَيْنُ بِتَصَرُّفِهِ أَمْ لَا، فَعَلَى هَذَا يُنْظَرُ فِي الْوَاجِدِ الْمُتَمَلِّكِ فَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ مِنَ الْعُرُوضِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ مِنَ الْعُرُوضِ بِغَيْرِ قِيمَتِهَا سِوَاهَا، فَفِي وُجُوبِ زَكَاتِهَا عَلَيْهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِيمَنْ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وعليه مثلها وأما صاحبها، والحكم فِي زَكَاةِ السَّنَةِ الْأُولَى عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ، كَانَتْ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا. فَأَمَّا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا يَلِيهَا، فَقَدْ مُلِّكَتِ اللُّقَطَةُ عَلَيْهِ فِيهَا، وَصَارَتْ دَيْنًا لَهُ فِي ذِمَّةِ وَاجِدِهَا فَإِنْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ مَاشِيَةً لَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاةُ عَيْنِهَا لِأَنَّهَا قَدْ مُلِّكَتْ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، وَتَنْتَقِلُ زَكَاةُ الْعَيْنِ إِلَى الْقِيمَةِ فإن كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَزَكَاةُ الْعَيْنِ بَاقِيَةٌ، لِأَنَّهَا قَدْ مُلِّكَتْ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْوَاجِدِ الْمُتَمَلِّكِ لَهَا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِهَا مَلِيًّا فَزَكَاةُ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ، وَعَيْنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ متعسراً فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: لَا زَكَاةَ أَصْلًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الزَّكَاةُ عَلَى مَا مَضَى وَاجِبَةٌ من الْقَوْلَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّ الْوَاجِدَ الْمُلْتَقِطَ لَا يَصِيرُ مَالِكًا لِلُقَطَةٍ، إِلَّا بِنَقْلِ عَيْنِهَا فَعَلَى هَذَا مَا لَمْ يَنْقُلْ عَيْنَهَا فَالْحُكْمُ فِي زَكَاتِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ نَقَلَ عَيْنَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا، لِأَنَّ عَيْنَ اللُّقَطَةِ لَمْ يَمْلِكْهَا، ثُمَّ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ بَدَلِهَا كَالْحُكْمِ فِيمَا مَلَكَهُ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ إِنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ جَرَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ جَرَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْقِنْيَةِ، لَمْ تَكُنْ فِيهِ زَكَاةٌ، فَأَمَّا صَاحِبُهَا فَالْحُكْمُ فِي زَكَاتِهِ عَلَى مَا مَضَى فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَخْتَلِفُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ الِاصْطَخْرِيُّ أَنَّ الْوَاجِدَ يكون مالكاً لها يمضي الحول، وإن لم يجز التَّمَلُّكَ إِلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>