للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزني) هذا خلاف أصله في كتاب الإجارات لأنه يجعلها حالةً يملكها المكري إذا سلم ما أكرى كثمن السلعة إلا أن يشترط أجلاً وقوله هاهنا أشبه عندي بأقاويل العلماء في الملك لا على ما عبر في الزكاة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ آجَرَ دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الأجرة من ثلاثة أحوال:

إما أن يشترط تعجيلها، فتكون معجلة إجماعاً.

وإما أن يشترط تَأْجِيلَهَا فَتَكُونَ مُؤَجَّلَةً إِجْمَاعًا.

وَإِمَّا أَنْ يُطْلِقَا وَلَا يَشْتَرِطَا تَعْجِيلًا وَلَا تَأْجِيلًا، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ تَكُونُ مُعَجَّلَةً بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ مُعَجَّلَةً فِي نَفْسِ الْعَقْدِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ وأبو حنيفة، وَلِلْكَلَامِ مَعَهُمَا مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا، وَإِذَا كَانَتْ مُعَجَّلَةً بِالشَّرْطِ أَوْ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، فَقَدْ مَلَكَ جَمِيعَهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَاسْتَحَقَّ قبضها بتسليم الدار المؤجرة هذا، مما لم يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ هَلْ ملكها بالعقد ملكاً مستقراً مبرماً أَوْ مَلَكَهَا مِلْكًا مَوْقُوفًا مُرَاعًى فَأَحَدُ قَوْلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيُّ وَغَيْرِهِ قَدْ مَلَكَهَا بالعقد ملكاً مستقراً مبرماً كَأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَاقِ الزَّوْجَاتِ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْأُجْرَةُ أَمَةً كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ملكه مستقر عليها، وليس فيما يطرأ ن حُدُوثِ فَسْخٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ اسْتِرْجَاعَ الْأُجْرَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، كَالزَّوْجَةِ الَّتِي قَدِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهَا عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ اسْتِرْجَاعُ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدخول.

والقول الثاني: وهو أظهر فيما نصف عَلَيْهِ فِي " الْأُمِّ " وَفِي غَيْرِهِ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ مِلْكًا مَوْقُوفًا مُرَاعًى، فَإِذَا مَضَى زَمَانٌ مِنَ الْمُدَّةِ كَانَ اسْتِقْرَارُ مِلْكِهِ عَلَى مَا قَابَلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُرَاعَاةً وَلَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وملك المستأجر على المنفعة غير مستقر لأنها لَوْ فَاتَتْ بِهَدْمٍ رَجَعَ بِمَا فِي مُقَابَلَتِهَا مِنَ الْأُجْرَةِ، وَلَوِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ عِنْدَ فَوَاتِهَا بِمَا قَابَلَهَا كَالْمُشْتَرِي، إِذَا استقر ملكه على السلعة يقبضها لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عِنْدَ تَلَفِهَا وَإِذَا كَانَ مِلْكُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الْمُؤْجِرِ لِلْأُجْرَةِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا تُشْبِهُ الْأُجْرَةُ صَدَاقَ الزَّوْجَةِ لِافْتِرَاقِهِمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ مِلْكَ الزَّوْجَةَ عَلَى الصَّدَاقِ مُسْتَقِرٌّ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، لَمْ يَرْجِعِ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا، وَلَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ قبل مضي مُدَّتِهَا، رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا فِي مُقَابَلَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>