للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: إِنَّ صَوْمَهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَحْوًا فَصَوْمُهُ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْمًا صَامَهُ من رَمَضَانَ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَالْمَذْهَبُ الرابع: أن الناس في صومه تَبَعٌ لِإِمَامِهِمْ إِنْ صَامَ صَامُوهُ، وَإِنْ أَفْطَرَ أَفْطَرُوهُ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ.

وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: إِنْ صَامَهُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ صَامَهُ نَافِلَةً جَازَ وَلَمْ يُكْرَهْ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة: وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ صَوْمَهُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ فِيهِ، بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أنه قال: لأن أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدِ اخْتَارَ صومه، واستحبه قال وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَقَدَّمُ الصِّيَامَ بِيَوْمٍ قَالُوا: وَلِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ قَالُوا: وَلِأَنَّ صَوْمَهُ كَالنَّفْلِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا كَالصَّلَوَاتِ، وَلِأَنَّهُ صَوْمُ يَوْمٍ مِنْ شعبان، فلا يكن فِيهِ مَكْرُوهًا كَسَائِرِ أَيَّامِهِ وَدَلِيلُنَا عَلَى كَرَاهَةِ صَوْمِهِ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بصومٍ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلًا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ، وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ حَالَ سحابةٌ أَوْ غَمَامَةٌ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ " وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَوْمِ الشَّكِّ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا انْتَصَفَ الشَهْرُ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ " وَرُوِيَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ بَيْنَ يَوْمَيْنِ يَوْمِ شَكٍّ وَيَوْمِ فِطْرٍ، ثُمَّ تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَكَذَلِكَ يَوْمُ الشَّكِّ، فَأَمَّا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّمَا صَامَهُ، لِأَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ بِالْهِلَالِ عِنْدَهُ كَذَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، وَكَذَا نَقُولُ، وَأَمَّا صِيَامُ ابْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>