الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَأَيْتُ الْهِلَالِ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: نَعَمْ قَالَ قُمْ يَا بِلَالُ فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غداً.
وروي عن طاوس قال شهدت المدنية وَبِهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، فَشَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ الْوَالِي أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ فَبَعَثَ الْوَالِي إِلَيْهِمَا يَسْأَلُهُمَا فَأَمَرَاهُ أَنْ يُجِيزَ شَهَادَتَهُ وَأَخْبَرَاهُ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ فِي الْفِطْرِ إِلَّا الِاثْنَيْنِ وَرَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَصَامَ، وأمر الناس بالصيام وقال لأن أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَلِأَنَّهُ حَالٌ يستوي في الْمُخْبِرُ، وَالْمُخْبَرُ فَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ.
أَصْلُهُ: حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ، وَثَبَتَتْ قَبْلَ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ ضَعَّفَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ إِلَّا شاهدين كَسَائِرِ الْأَهِلَّةِ.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالْأَثَرِ الثَّابِتِ عَنْ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِذَا قِيلَ: بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْبَلَ شَاهِدٌ عَبْدًا، وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا صَبِيٌّ لِأَنَّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَأَجَازَ أبو حنيفة شَهَادَةَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَأَجْرَاهُ مَجْرَى الْخَبَرِ، وَسَاعَدَهُ عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَلَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِلشَّافِعِيِّ بَلْ مَنْصُوصُهُ خِلَافُهُ، وَلَوْ جَرَى مَجْرَى الْخَبَرِ لَلَزِمَ فِيهِ قَبُولُ الْوَاحِدِ عَنِ الواحد، ولم يقل بهذا أحد فعلم أنه شَهَادَةٌ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا أَمَرْتُمْ بِالصِّيَامِ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ ثُمَّ أَوْجَبْتُمُ الْفِطْرَ بَعْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِينَ، فَقَدْ قَضَيْتُمْ فِي الْفِطْرِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ قِيلَ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِهِ:
أَحَدُهُمَا: إِذَا لَمْ يَرَ النَّاسُ هِلَالَ شَوَّالٍ صَامُوا أَحَدًا وَثَلَاثِينَ اعْتِبَارًا بِهَذَا الْمَعْنَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute