للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوَاضِعِ مِنْ مِيقَاتِهَا وَلَا مِيقَاتَ لَهَا دُونَ الْحِلِّ كَمَا يَسْقُطُ مِيقَاتُ الْحَجِّ إِذَا قَدَّمَ الْعُمْرَةَ قَبْلَهُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِمِيقَاتِ بَلَدِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، أَوْ قِرَانًا فَعَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَهٍ حَدَّ الْمَوَاقِيتَ وَقَالَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ممن أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَأَحَلَّ مِنْهَا وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ فَتَحَ الْحَجَّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْعُمْرَةِ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْهَا: مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُهِلَّ قَالَ جَابِرٌ فَأَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ مِنْ بَطْحَاءِ مَكَّةَ، وَهَذَا هُوَ التَّمَتُّعُ فَأَمَّا إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْمِيقَاتِ وَأَحَلَّ مِنْهُ وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، أَحْرَمَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا أَرَادَتِ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم فِي الْحِلِّ، وَهَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ.

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْآخَرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ إِنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ أَحْرَمَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلَّ نُسُكٍ فِيهِمَا يَفْتَقِرُ إِلَى أَنْ يُجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِيهِمَا بِقَصْدِ الْبَيْتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ) {البقرة: ١٢٥) أَيْ: مَرْجِعًا قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ:

(مثابٌ لِأَفْتَاءِ القبائل كلها ... تخب إِلَيْهَا الْيَعْمَلَاتُ الزَّوَامِلُ)

وَكُلُّ الْحَرَمِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْبَيْتِ، فَافْتَقَرَ إِلَى الْقَصْدِ إِلَيْهِ مِنَ الْحِلِّ فَإِنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ إِلَى الحل ضرورة للوقوف بعرفة، وعرفة حل لأحرم، وَإِذَا أَرَادَ الْعُمْرَةَ أَحْرَمَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ، لِأَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ الطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ، فَلَوْ جَازَ لَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا مِنْ حِلٍّ إلى حرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>