تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، وَمَهَابَةً، وَتَكْرِيمًا، وَزِدْ مِنْ عِظَمِهِ وشرفه، ممن حجه أو اعتمره تشريفاً، وتعظيماً ومهابة، وتكريماً وتقول اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بالسلام ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا دَخَلَ الْمُحْرِمُ إِلَى مَكَّةَ، فَرَأَى الْبَيْتَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ بَعْدَهُ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ " فَقَدْ قَالَهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَحَكَاهُ عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا قَالَ مِنْ حَسَنٍ أَجْزَأَهُ، ويستحب أن يرفع يديه عند دعاه إِذَا رَأَى الْبَيْتَ، وَحُكِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَرِهَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، وَقَالَ: ما أعرف ذلك إلا لليهود، وقد سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ. وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا رَأَيْتَ الْبَيْتَ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَبِجَمْعٍ، وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ، وَعَلَى الْبَيْتِ. وَرَوَى حَبِيبٌ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَفَعَ يَدَيْهِ فَوَقَعَ زِمَامُ نَاقَتِهِ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ ورفع يده اليمنى.
قال الشافعي: إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ لَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ مِنَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يَلِي الْمَعْلَاةَ وَالرَّدْمَ، وَهُوَ بَابُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، الَّذِي يُعْرَفُ الْيَوْمَ بِبَنِي شَيْبَةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ قَصَدَ، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لوجه الكعبة، وبابها والمنبر، وَالْمَقَامِ وَالرُّكْنِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأْتُواْ البُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا} (البقرة: ١٨٩) . وَلِأَنَّ كُلَّ مَقْصُودٍ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، لَا مِنْ ظَهْرِهِ، وَلِيَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ، مَا رَوَاهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ " وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ أَمَانَنَا عِنْدَكَ، وَأَنْ تَكْفِيَنَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا، وَكُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ. فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَمْ يَبْدَأْ بَشَيْءٍ غَيْرِ الطَّوَافِ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعًا. لِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَالَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى، فَلَمَّا أَتَى بَابَ الْمَسْجِدِ، أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْبُكَاءِ، ثُمَّ رَمَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الرُّكْنِ الْآخَرِ فَاسْتَلَمَهُ وَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، فَلَمَّا فَرَغَ قَبْلَ الْحَجَرِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ". وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ، الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. وَلِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ، كَمَا أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ كَانَ قَاصِدُ الْمَسْجِدِ مَأْمُورًا بِتَحِيَّتِهِ، فَكَذَلِكَ قَاصِدُ الْبَيْتِ مَأْمُورٌ بِتَحِيَّتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute