الْإِحْرَامَ بِالنُّسُكِ يُوجِبُ انْعِقَادَ النُّسُكِ وَالْمُضِيَّ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ الْإِحْرَامُ بِالْحَجَّتَيْنِ لَا يُوجِبُ الْمُضِيَّ فِيهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ فِيهِمَا يُوجِبُ انْعِقَادَهُمَا.
وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ قِيَاسًا: أَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبَيِ الْإِحْرَامِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَشْتَمِلَ عَلَى حَجَّتَيْنِ كَالْمُضِيِّ فِيهِمَا، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ كَالطَّوَافِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَصِحُّ عَنْ حَجَّتَيْنِ.
وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ عَنْ حَجَّتَيْنِ كَالطَّوَافِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِعُمُومِ الْآيَةِ فَهُوَ أَنَّهَا تُوجِبُ إِتْمَامَ مَا انْعَقَدَ وَحَقِيقَةُ الْإِتْمَامِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى، وأبو حنيفة يَمْنَعُ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلَالَةٌ لِأَنَّ خِلَافَنَا فِي انْعِقَادِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى النُّسُكَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ فِيهِمَا فَلِذَلِكَ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ بِهِمَا ولما كان النسكان المتفقان لم يمكن الْمُضِيُّ فِيهِمَا لَمْ يَصِحَّ إِحْرَامُهُ بِهِمَا وَأَمَّا جَمْعُهُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالنَّذْرِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ أَعَمُّ لَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْفِعْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاتَيْنِ لَزِمَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا، وَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا فَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute