وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ فَيَقْرِنَ عَنْهُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ عَنْ حَيٍّ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَنْ مَيِّتٍ فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْ حَيٍّ فَالْقِرَانُ وَاقِعٌ عَنِ الْأَجِيرِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ عَنِ الْحَيِّ فِي الْعُمْرَةِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَالْحَيُّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ في العمرة فلم تقع عنه، إذا لَمْ تَقَعْ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَتْ وَاقِعَةً عَنِ الْأَجِيرِ وَإِذَا وَقَعَتِ الْعُمْرَةُ عَنِ الْأَجِيرِ كَانَ الْحَجُّ تَبَعًا لَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ أَحَدُ نُسُكَيِ الْفَوَاتِ عَنْ شَخْصٍ وَالْآخَرُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْ مَيِّتٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْعُمْرَةِ بَاقِيًا عَلَيْهِ فَهَذَا يَكُونُ عَنِ الْمَيِّتِ فَيَقَعُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مَعًا عَنْهُ وَيَكُونُ الْأَجِيرُ مُتَطَوِّعًا بِالْعُمْرَةِ مُؤَدِّيًا لِلْحَجِّ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَجُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَدْ تَطَوَّعَ بِالْعُمْرَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا أُجْرَةً وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ فِي مَالِهِ، لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْعُمْرَةِ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَيَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِذَلِكَ عَنِ الْمَيِّتِ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ مَعًا يَكُونَانِ عَنِ الْمَيِّتِ وَقَدْ تَطَوَّعَ الْأَجِيرُ بِالْعُمْرَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا عِوَضًا وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَجُّ وَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَعًا يَقَعَانِ عَنِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِهَا عَنِ الْمَيِّتِ فَوَقَعَتْ عَنِ الْأَجِيرِ وَالْحَجُّ فِي الْقِرَانِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُفْرَدَ عَنِ الْعُمْرَةِ فَوَقَعَ عَنِ الْأَجِيرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى ذَلِكَ أُجْرَةً؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بَاقِيًا عَلَيْهِ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " وَإِذَا أَسْتَأْجَرَهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَقَرَنَ فَقَدْ زَادَهُ خَيْرًا وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ دُونَ الْحَيِّ عَلَى مَا قَسَّمْنَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ فَتَمَتَّعَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي التَّمَتُّعِ مُفْرَدَةٌ عَنِ الْحَجِّ فَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي الْعُمْرَةِ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ وُقُوعِهَا عَنِ الْأَجِيرِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَ الْأَجِيرُ مُتَطَوِّعًا بِهَا فَأَمَّا الْحَجَّةُ فَهِيَ وَاقِعَةٌ عَنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا دُونَ الْأَجِيرِ لِإِفْرَادِهَا عَنِ الْعُمْرَةِ إِلَّا أَنَّهُ اسْتُؤْجِرَ ليحرم بها من الميقات فأحرم بها عن مَكَّةَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَهَلْ يرد قسط مِنَ الْأُجْرَةِ قِسْطَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا وَلَا دَمَ عَلَى الْأَجِيرِ فِي تَمَتُّعِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا وَقَعَ النُّسُكَانِ مَعًا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا إِذَا وَقَعَا عَنْ شَخْصَيْنِ فَلَا، إِلَّا أَنْ تَقَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute