وَكَذَا لَوْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِزَيْدٍ فِي الْقَبْضِ لَهُ وَالْإِقْبَاضِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَوَلَّى الْقَبْضَ وَالْإِقْبَاضَ اثْنَانِ.
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَبْضُهُمَا بِالْكَيْلِ وَحْدَهُ دُونَ التَّحْوِيلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ التَّحْوِيلُ فِي قَبْضِهِ مُعْتَبَرًا وَبَيْنَ الْقِسْمَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنِ التَّحْوِيلُ فِي قَبْضِهَا مُعْتَبَرًا. أَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى بَائِعِهِ بِالْيَدِ فَاعْتُبِرَ فِي قَبْضِهِ التَّحْوِيلُ لِتَرْتَفِعَ الْيَدُ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ، وَلَيْسَ فِي الْقِسْمَةِ ضَمَانٌ يَسْقُطُ بِالْقَبْضِ وَإِنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِجَازَةِ وَبِالْكَيْلِ دُونَ التَّحْوِيلِ تَقَعُ الْإِجَازَةُ.
فَلَوْ تَقَابَضَا بَعْضَ الصُّبْرَةِ وَلَمْ يَتَقَابَضَا بَاقِيَهَا حَتَّى افْتَرَقَا صَحَّتِ الْقِسْمَةُ فِيمَا تَقَابَضَا قَوْلًا وَاحِدًا إِذَا صَارَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ حَقِّهِ مِثْلُ مَا صَارَ إِلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصُّبْرَةِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِشَاعَةِ.
وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: وُقُوعُ الْقِسْمَةِ نَاجِزَةً مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ يُسْتَحَقُّ فِيهَا. لَا خِيَارِ الثَّلَاثِ بِالشَّرْطِ، وَلَا خِيَارِ الْمَجْلِسِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْبَيْعِ.
أَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَلِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ فِي الْبَيْعِ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَبْنِ مَعَ بَقَايَا أَحْكَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا مِثْلَهُ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ وَالْغَبْنَ قَدِ انْتَفَيَا عَنْهَا وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لِلْقِسْمَةِ حُكْمٌ فِي الشَّرِكَةِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهَا. فَبِهَذَيْنِ سَقَطَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ.
فَأَمَّا خِيَارُ الثَّلَاثِ فَهُوَ أَسْقَطُ، لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ أَثْبَتُ فِي الْعُقُودِ مِنْ خِيَارِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا سَقَطَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُ الثَّلَاثِ.
فَهَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي قِسْمِ هَذَا الضَّرْبِ وَهُوَ مَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. فَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَالرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ، وَالْبُقُولِ، وَالْخُضَرِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقْتَسِمَهُ الشَّرِيكَانِ كَيْلًا وَلَا وَزْنًا وَلَا جُزَافًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لِتَحْرِيمِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ.
وَالْوَجْهُ فِي ارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ، صِنْفٌ مِنَ الْبُيُوعِ.
وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ حِصَّتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ عَلَى شَرِيكِهِ بِدِينَارٍ، وَيَبْتَاعُ مِنْهُ حَقَّهُ مِنَ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى بِدِينَارٍ.
فَتَصِيرُ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ بِكَمَالِهَا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ، وَالْحِصَّةُ الْأُخْرَى بِكَمَالِهَا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ.
ثُمَّ يَتَقَابَضَانِ الدِّينَارَ بِالدِّينَارِ، فَيَكُونُ هَذَا بَيْعًا يَجْرِي عَلَيْهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبُيُوعِ المشاعة.