وَقَالَ أبو حنيفة وَصَاحِبَاهُ: إِذَا اشْتَرَطَا إِسْقَاطَ الْأَجَلِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَعْقِدَ نَاجِزًا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ فَإِنْ شَرَطَا فِيهِ خِيَارَ الثَّلَاثِ كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ أَسْقَطَا الْخِيَارَ بَعْدَ اشْتِرَاطِهِ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا أَسْقَطَاهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا.
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ بَاطِلًا فَهَذِهِ الشُّرُوطُ اللَّازِمَةُ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الرابع: وهو المماثلة فإن كان الجنس واحد كَانَتِ الْمُمَاثَلَةُ شَرْطًا مُعْتَبَرًا وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا مُعْتَبَرًا.
ثُمَّ الصَّرْفُ يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا أَرْبَعَةً:
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ: بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَهُوَ ضَرْبَانِ:
جِنْسٌ بِمِثْلِهِ كَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَجِنْسٌ بِغَيْرِهِ كَالْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ، فَهَذَا يَصِحُّ بِشُرُوطِهِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَهَذَا بَاطِلٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَرَجُلٍ بَاعَ دَرَاهِمَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ دَيْنًا بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى عَمْرٍو دَيْنًا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ الصَّرْفُ بِالْأجِلِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ كَرَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَبِيعُهَا عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ عَيْنًا. فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا صَحَّ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو إن كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ فَلَمْ تَجُزِ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ.
وَإِذَا صَحَّ فِي الْحَالِّ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى قَبْضِ الدَّنَانِيرِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ ثَوْبًا أَوْ عَرَضًا فَفِي لُزُومِ قَبْضِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَجُوزُ الِافْتِرَاقُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مَا سِوَى الصَّرْفِ لَا يَلْزَمُ فِيهِ تَعْجِيلُ الْقَبْضِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِلَّا صَارَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
فَلَوْ أَخَذَ بَدَلَ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ خَمْسِينَ دِينَارًا وَعَبْدًا كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ. لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَمَعَ بَيْعًا وَصَرْفًا.
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ فِيهِمَا وَيَرْجِعُ بِالْأَلْفِ.