للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمُجَوَّزُ: أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ ثَمَرَةَ هَذَا الْحَائِطِ إلا ثمرة هذه النخلات العشر بِعَيْنِهَا فَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَالْمُشَاعُ: أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ ثَمَرَةَ هَذَا الْحَائِطِ إِلَّا رُبْعَهَا فَهَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا مُشَاعًا.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، هَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بَيْعٌ عَلَى شَرْطِ الشَّرِكَةِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُكَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا صَحَّ، وَكَذَا فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهَا إِلَّا رُبْعَهَا لَأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عشر المساكين جاز، وإن كان مستحق مَجْهُولَ الْعَيْنِ، فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِثْنَاءُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّهُ مُعَيَّنٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَجْهُولًا وَالْمَبِيعُ بَعْدَهُ مَجْهُولًا وَهُوَ ضَرْبَانِ مُشَاعٌ وَمُجَوَّزٌ.

فَالْمُشَاعُ: أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذِهِ الثَّمَرَةَ إِلَّا قُوتَ نَفْسِي أَوْ إِلَّا مَا يَأْكُلُهُ عَبِيدِي فَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّ قَدْرَ قُوتِهِ مَجْهُولٌ وَمَا يَأْكُلُهُ عَبِيدُهُ مَجْهُولٌ فَصَارَ المبيع الثاني مجهول.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَاعَ حَائِطًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ قُوتَ غِلْمَانِهِ.

قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرًا مَعْلُومًا جَعَلَهُ قُوتَ غِلْمَانِهِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الثَّمَرَةَ إِلَّا عَشْرَ قَوَاصِرَ مِنْهَا، أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَلَّةً مِنْ رُطَبِهَا كَانَ الْمَبِيعُ بَاطِلًا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ الثَّانِي.

وَأَمَّا الْمُجَوَّزُ فَهُوَ أَنْ تَقُولَ بِعْتُكَ هَذِهِ الثَّمَرَةَ إِلَّا عَشْرَ نَخْلَاتٍ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا وَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ قَدْرَ ثُلْثِ الثَّمَرَةِ فَمَا دُونَ جَازَ الْبَيْعُ، وَكَانَ لَهُ عَشْرُ نَخْلَاتٍ وُسَطَاءُ، وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُوقِعُ جَهَالَةً فِي الْمَبِيعِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ يَخْتَلِفُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُجَوَّزٍ وَلَا مُشَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَهْلِكَ النَّخْلُ إِلَّا عَدَدَ مَا اسْتُثْنِيَ فَيَخْتَلِفَانِ فِي الْبَاقِي هَلْ هُوَ الْمَبِيعُ أَوِ الْمُسْتَثْنَى وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْجَهَالَاتِ غَرَرًا فَكَانَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ أَوْلَى.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَعْلُومًا وَالْمَبِيعُ بَعْدَهُ مَجْهُولًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذِهِ الثَّمَرَةَ إِلَّا صَاعًا مِنْهَا فَهَذَا بَاطِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>