للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معلوما ظاهرا أو غير معلوم خفي فَأَمَّا مَا حَدَثَ بِهِ مِنَ الْعُيُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهَا وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا لِحُدُوثِهَا وَإِنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ مِنَ الْحُقُوقِ قَبْلَ وُجُوبِهَا. فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْبِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَلِي فَسْخُ الْبَيْعِ بِهِ وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مُتَقَدِّمٌ بَرِئْتُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَكَ الْفَسْخُ بِهِ وَأَمْكَنُ مَا قَالَا فَفِيهِ وَجْهَانِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي الْعِلَّةِ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَيْبِ إِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَقَدُّمَ الْعَيْبِ عَلَى الْقَبْضِ لِيَفْسَخَ بِهِ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِيَمْنَعَ فَسْخَ الْبَيْعِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ وَلَا فَسْخَ لِلْمُشْتَرِي لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إن العلة فيه إن حدث الْعَيْبِ يَقِينٌ وَتُقَدُّمَهُ شَكٌّ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنَّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي تَقْتَضِي الْفَسْخَ وَدَعْوَى الْبَائِعِ تُوجِبُ الْإِمْضَاءَ. فَعَلَى قَوْلِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ يَقِينٌ وَتُقَدُّمَهُ شَكٌّ فَكَانَ الْيَقِينُ أَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَيُجْعَلَ لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَتَضَمَّنُ حُدُوثَ الْعَيْبِ دُونَ تَقَدُّمِهِ. وَعَلَى قَوْلِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ مَا أَوْجَبَ الْإِمْضَاءَ أَوْلَى مِمَّا اقْتَضَى الْفَسْخَ فَجُعِلَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَ الْبَائِعِ وَيُمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْفَسْخِ لِأَنَّ دَعْوَى الْبَائِعِ تَقْتَضِي الْإِمْضَاءَ دُونَ الْفَسْخِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي إِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعُيُوبِ فَقَدْ بَطَلَ اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ إِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ مِنْ تَوَابِعِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا إِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ نَافَى مُوجَبَ الْعَقْدِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُبْطِلَةِ لِلْعَقْدِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ إِنَّهُ لَا يُبْرَأُ مِنْ عُيُوبِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَيُبْرَأُ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ عُيُوبِ الْحَيَوَانِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُرَادِ بِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِخَفَائِهِ سَوَاءٌ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْبَائِعُ لِجَهْلِهِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ خَفْيًّا. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>