مُوسَى فِي خُرُوجِ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مِنَ الْحَجَرِ مُعْتَادٌ، وَمِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ غَيْرُ مُعْتَادٍ؟ قِيلَ: هَذَا الْخَبَرُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ غَيْرُ أَنَسٍ فَهُوَ جارٍ مَجْرَى التَّوَاتُرِ، لِأَنَّ أَنَسًا أَضَافَ ذَلِكَ إِلَى غَزَاةٍ كَانَتِ الصَّحَابَةُ فِيهَا وَرَوَاهُ وَعَصْرُ الصَّحَابَةِ باقٍ وَأَكْثَرُهُمْ حَيٌّ فَنَقَلُوهُ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ اعْتِرَافًا بِصِحَّتِهِ فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ عَلَى نَقْلِهِ، وَلَوْلَا ذَاكَ لَرَدُّوهُ عَلَى أَنَسٍ وَأَنْكَرُوهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِكَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ إِمَّا مِنْ حَدَثٍ وَإِمَّا مِنْ جَنَابَةٍ، أَوْ مِنْ حَدَثٍ وَحَيْضٍ وَجَنَابَةٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمَنَعَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْ ذَلِكَ احْتِجَاجًا بِرِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعَ سِنِينَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، أَوْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ ".
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يتوضؤون فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ أناءٍ واحدٍ جَمِيعًا " وَرَوَتْ مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَتْ: فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: أَبْقِ لِي أَبْقِ لِي ".
وَرَوَى أَبُو الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَرَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ إناءٍ وَاحِدٍ.
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بن زيد عن خربوذ عن أم حبية الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ: " اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْوُضُوءِ مِنْ إناءٍ واحدٍ " وَلِأَنَّ مَا فضل عن الاستعمال فقد يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ كَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْخَبَرِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَعَنْهُ جَوَابَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute