للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَخْبَرَنِي مَنْ أُصَدِّقُهُ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَجَلِ وَإِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ حَفِظْتُهُ عَنْ سُفْيَانَ مِرَارًا كَمَا وَصَفْتُهُ.

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ: اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ فِي السَّلَفِ فَبَعَثُونِي إِلَى ابْنِ أَبِي أَوْفَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ إِلَى قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ.

وَرَوَى عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ.

وَرَوَى جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقٍ المجازي قَالَ: كُنْتُ فِي رُفْقَةٍ فَنَزَلْنَا قُرْبَ الْمَدِينَةِ فَكَانَ مَعَنَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ فَقَالَ: تَبِيعُونَ النَّاقَةَ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ بِكَمْ فَقُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاقَةَ وَلَمْ يَتَرَبَّصْ فَلَمَّا أَخَذَهَا وَتَوَارَى بَيْنَ جُدْرَانِ الْمَدِينَةِ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَتَعْرِفُونَ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ: بَعْضُنَا: أَمَّا وَجْهُهُ بِوَجْهِ غَدَّارٍ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ جَاءَنَا رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا حَتَى تَشْبَعُوا وَأَنْ تَكْتَالُوا حَتَى تَسْتَوْفُوا قَالَ فَأَكَلْنَا حَتَى شَبِعْنَا وَاكْتَلْنَا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا. فَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ النَّاقَةَ بِثَمَنٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ.

فَدَلَّ عَلَى أمرين:

أحدهما: جوازه السلم في الأصل.

والثاني: جواز حَالًا.

فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ بلفظ البيع كقول: بِعْتُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ هَلْ يَكُونُ بَيْعًا أَوْ سَلَمًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ سَلَمًا بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِأَنَّ السَّلَمَ صِنْفٌ مِنَ الْبُيُوعِ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ قَبْضِ الدِّينَارِ وَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ بَيْعًا لِأَنَّ السَّلَمَ اسْمٌ هُوَ أَخَصُّ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ قَبْضِ الدِّينَارِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ.

ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ يُجْمَعُ ثَمَنًا وَمُثَمَّنًا فَلَمَّا تَنَوَّعَ الثَّمَنُ نَوْعَيْنِ مُعَيَّنًا وَمَوْصُوفًا وَجَبَ أَنْ يَتَنَوَّعَ الْمُثَمَّنُ نَوْعَيْنِ مُعَيَّنًا وَمَوْصُوفًا فَالْمُعَيَّنُ الْبُيُوعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>