فإن بَلَغَتْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ تُقْلَعْ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ قُلِعَتْ وَإِنْ فُلِّسَ بِدُيُونِ النَّاسِ بِيعَتِ الْأَرْضُ بِالنَّخْلِ ثُمَّ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ بِلَا نَخْلٍ وَعَلَى مَا بَلَغَتْ بِالنَّخْلِ فَأُعْطِيَ الْمُرْتَهِنُ ثَمَنَ الْأَرْضِ وَالْغُرُمَاءٌ ثَمَنَ النَّخْلِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.
إِذَا رَهَنَ أَرْضًا فِي حَقِّ مَحَلِّ الْحَقِّ وَفِي الْأَرْضِ نَخْلٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّهْنِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الرَّهْنِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا قَبْلَ الرَّهْنِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ النَّوَى الَّذِي نَبَتَ فِيهِ قَبْلَ الرَّهْنِ وَعُلُوقُهُ وَظُهُورُهُ بَعْدَ الرَّهْنِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الرَّهْنِ. فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ.
وَصُورَتُهَا: أَنْ يَرْهَنَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا نَخْلَ فِيهَا ثُمَّ يَحْدُثُ فِيهَا نَخْلٌ إِمَّا بِأَنْ يَغْرِسَهُ الرَّاهِنُ أَوْ يَنْغَرِسَ بِنَفْسِهِ مِنْ نَوْعٍ يَقَعُ فِي الْأَرْضِ فَيَنْبُتُ فِيهَا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ يُمْنَعُ مِنَ ابْتِدَاءِ الْغَرْسِ فَإِنْ غَرَسَ لَمْ يُقْلَعْ فِي الْحَالِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ لِأَنَّ إِقْرَارَ الْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ انْتِفَاعٌ بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ الْمَرْهُونَةِ وَلَا يَكُونُ النَّخْلُ الْحَادِثُ فِيهَا دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ مَعَهَا لِأَنَّ حُدُوثَ النَّخْلِ نَمَاءٌ وَالنَّمَاءُ الْحَادِثُ مِنَ الرَّهْنِ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَلَا يُقْلَعُ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ، نُظِرَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَقِّ. فَإِنْ قَضَى الرَّاهِنُ مِنْ مَالِهِ خَرَجَتِ الْأَرْضُ مِنَ الرَّهْنِ وَكَانَ النَّخْلُ مُقَرًّا فِيهَا لِلرَّاهِنِ وَإِنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ قَضَاءِ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ نُظِرَ فِي بَيَاضِ الْأَرْضِ:
فَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ وَفَاءُ الْحَقِّ بِيعَ بَيَاضُ الْأَرْضِ وَقُضِيَ بِهِ الْحَقُّ وَكَانَ النَّخْلُ عَلَى حَالِهِ مُقَرًّا فِي الْأَرْضِ لَا يَعْرِضُ لِبَيْعِهِ وَلَا لِقَلْعِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِ بَيَاضِ الْأَرْضِ وَفَاءٌ لِلْحَقِّ نُظِرَ فِي الرَّاهِنِ فَإِنْ أَجَابَ إِلَى بَيْعِ النَّخْلِ مَعَ الْأَرْضِ بِعْنَاهُمَا مَعًا وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنَ الثَّمَنِ مَا قَابَلَ قِيمَةَ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ لَا نَخْلَ فِيهَا وَالرَّاهِنَ مَا قَابَلَ النَّخْلَ.
وَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ النَّخْلِ مَعَ الْأَرْضِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ أَوْ يَكُونُ مُفْلِسًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِحَقِّ غُرَمَائِهِ.
فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِ النَّخْلِ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ