عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ".
فَإِنْ قَالُوا: هَذَا حديث تفرد به أبو هريرة ولم يساعده عَلَيْهِ غَيْرهُ وَذَلِكَ وَهَنٌ فِي الْحَدِيثِ يَمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ بِهِ؟ قُلْنَا: أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ تَفَرُّدُهُ بِالْحَدِيثِ مَانِعًا مِنَ الْأَخْذِ بِهِ كَمَا تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا " ثُمَّ قَدْ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ بِهِ وَعَمِلُوا وَكَمَا تَفَرَّدَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ " بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ " وتفردت عائشة رحمها الله بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَا رَوَى فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا عَدِمَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ "، وَإِنْ قَالُوا: فَقَوْلُهُ: " صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ " لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْمَتَاعَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُفْلِسِ إِذَا كَانَ مُودَعًا أَوْ غَاصِبًا لِيَصِحَّ كَوْنُ الْمَتَاعِ مِلْكًا لِمُسْتَرْجِعِهِ قُلْنَا: هَذَا التَّأْوِيلُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ أَحَقَّ بِمَتَاعِهِ بِوُجُوبِ شَرْطٍ وَهُوَ حُدُوثُ الْفَلَسِ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ مُسْتَحِقٌّ اسْتِرْجَاعَ مَالِهِ بِشَرْطٍ وَغَيْرِ شَرْطٍ وَفَلَسٍ وَغَيْرِ فَلَسٍ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: " فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ ". الَّذِي كَانَ صَاحِبَ الْمَتَاعِ كَمَا قَالَ (الله) تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف: ٦٢] يَعْنِي الَّتِي كَانَتْ بِضَاعَتَهُمْ، لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِمْ، وَقَالَ حَاكِيًا عَنْ إِخْوَتِهِ: {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [يوسف: ٦٥] يَعْنِي: الَّتِي كَانَتْ بِضَاعَتَنَا، عَلَى أَنَّنَا قَدْ رُوِّينَا مَا ذَكَرْنَاهُ نَصًّا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ " ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى هُوَ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ قَدْ مَلَكَ بِهِ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَلَكَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ بِوُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْبَائِعُ الْفَسْخَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ فِي الْعَيْنِ المبيعة فوجب أن يستحق البائع الفسخ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute