الْيَمِينُ لِأَنَّ حُدُوثَ الثَّمَرَةِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُفْلِسُ كَانَتِ الثَّمَرَةُ لَهُ مَقْسُومَةً بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُفْلِسُ عَنِ الْيَمِينِ فَهَلْ يَجُوزُ إِحْلَافُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُونَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ تَصِيرُ إِلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفُوا اقْتَسَمُوا الثَّمَرَةَ وَإِنْ نَكَلُوا أُحَلِفَ الْبَائِعُ عَلَيْهَا وَدُفِعَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمُ اسْتَحَقُّوا بِأَيْمَانِهِمْ بِقِسْطِ دُيُونِهِمْ مِنَ الثَّمَرَةِ يَخْتَصُّونَ بِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَاقِي وَاسْتَحَقَّهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ إِحْلَافُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقْتَسِمُونَ مِلْكَ الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَلَّكَ أَحَدٌ بِيَمِينِ غَيْرِهِ مَالًا - فَعَلَى هَذَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ نُكُولِ الْمُفْلِسِ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ الثَّمَرَةَ فَلَوْ شَهِدَ لِلْمُفْلِسِ شَاهِدَانِ مِنْ غُرَمَائِهِ أَنَّ الثَّمَرَ أُبِّرَتْ عَلَى مِلْكِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ نَفْعًا إِلَى أَنْفُسِهِمَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا حَصَلَتْ لِلْمُفْلِسِ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَيُوَفَّوْنَ حُقُوقَهُمْ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُفْلِسُ وَيُكَذِّبَهُ الْغُرَمَاءُ فَيَقُولُ الْمُفْلِسُ لِلْبَائِعِ: اخْتَرْتَ عَيْنَ مَالِكَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ فَالثَّمَرَةُ لَكَ فَيَقُولُ الْغُرَمَاءُ: بَلِ اخْتَرْتَ عَيْنَ مَالِكَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُفْلِسِ مَقْسُومَةٌ بَيْنَنَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُفْلِسِ وَتُدْفَعُ الثَّمَرَةُ إِلَى الْبَائِعِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُفْلِسِ لِغُرَمَائِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِقْرَارٌ مِنْهُ وَالْمُقِرُّ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغُرَمَاءِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُنْكِرُونَ وَعَلَى الْمُنْكَرِ الْيَمِينُ - وَأَصْلُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْمُفْلِسَ إِذَا أَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِمَالٍ كَانَ إِقْرَارُهُ لَازِمًا وَلَكِنْ هَلْ يَكُونُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ مشاركا لجميع الغرماء إذا كذبوه؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي حَجْرِ الْمُفْلِسِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى حَجْرِ الْمَرَضِ أَوْ يَجْرِي مَجْرَى حَجْرِ السَّفَهِ - عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ - فَإِذَا حَلَفَ الْغُرَمَاءُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قُسِّمَتِ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ وَكَانَتِ الثَّمَرَةُ دَيْنًا لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُفْلِسِ يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ إِذَا فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُفْلِسُ وَيُصَدِّقَهُ الْغُرَمَاءُ فَيَقُولَ الْمُفْلِسُ اخْتَرْتَ عَيْنَ مَالِكَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ وَالثَّمَرَةُ لي ويقول الغرماء بل اخْتَرْتَ عَيْنَ مَالِكَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ فَالثَّمَرَةُ لَكَ فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُفْلِسِ مَعَ يَمِينِهِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ شَهِدَ لِلْبَائِعِ عَدْلَانِ مِنَ الْغُرَمَاءِ سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُفْلِسِ وَحُكِمَ بِالثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَنْفِي عَنْهُمُ التُّهْمَةَ فِيهَا فَلَوْ شَهِدَ مِنْهُمْ عَدْلٌ وَاحِدٌ حُلِّفَ الْبَائِعُ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ الثَّمَرَةَ لِأَنَّهُ مَالٌ يُحْكَمُ فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ مَنْ شَهِدَ مِنَ الْغُرَمَاءِ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ حُلِّفَ الْمُفْلِسُ وَكَانَتِ الثَّمَرَةُ لَهُ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُفْلِسُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute