وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَكَّ حَجْرُهَا حتى تتزوج، ولا يجوز تصرفها بعد التزويج إلا أن تصير عجوزا معنسة. إلا بإذن الزوج.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى بَقَاءِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] .
وَبُلُوغُ النِّكَاحِ هُوَ التَّزْوِيجُ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي فَكِّ الْحَجْرِ.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] .
وَبِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا بَعْدَ أَنْ ملك الزوج عصمتها بِإِذْنِهِ ".
وَهَذَا نَصٌّ وَلِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةُ شَيْءٍ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ".
وَلِأَنَّ مَالَ الزَّوْجَةِ فِي الْغَالِبِ مَقْصُودٌ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِزِيَادَةِ صَدَاقِهَا لِكَثْرَةِ مَالِهَا وَقِلَّتِهِ لِقِلَّةِ مَالِهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَاقْتَضَى أَنْ يَمْلِكَ فِيهِ مَنْعَهَا.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ فَكَّ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ مِنْ غَيْرِ تَزْوِيجٍ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] . وَبُلُوغُ النِّكَاحِ إِنَّمَا هُوَ بُلُوغُ زَمَانِهِ كَالْغُلَامِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَمَّ إِلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ ثَالِثٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إِسْقَاطِ فَائِدَةِ الشَّرْطِ وَالْغَايَةِ.
وَلِأَنَّ مَا انْفَكَّ بِهِ الْحَجْرُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ انْفَكَّ بِهِ حَجْرُ الْجَارِيَةِ كَالْمُزَوَّجَةِ وَلِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَبْلَ التَّزْوِيجِ أَشَحُّ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ جِهَازِهَا وَنَفَقَةِ نَفْسِهَا وَبَعْدَ التَّزْوِيجِ أَسْمَحُ لِسُقُوطِ الْجِهَادِ عَنْهَا وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا.
وَالْغُلَامُ ضِدُّهَا، لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ أَسْمَحُ لِقِلَّةِ مَؤُونَتِهِ وَبَعْدَ التَّزْوِيجِ أَشَحُّ لِكَثْرَةِ مَؤُونَتِهِ، فَلَمَّا جَازَ فَكُّ الْحَجْرِ عَنِ الْغُلَامِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فِي أَسْمَحِ حَالَيْهِ فَأَوْلَى أَنْ يُفَكَّ حَجْرُ الْجَارِيَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فِي أَشَحِّ حَالَيْهَا.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ مَا رُوِيَ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَطَبَ عَلَى النَّسَاءِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَتَصَدَّقُ بِخَاتَمِهَا وَقُرْطِهَا. وَلَمْ يُعْتَبَرْ