للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدِ نَفْسِهِ قِيَاسًا عَلَى تَلَفِهَا بِجِنَايَتِهِ، وَلِأَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ بِجِنَايَتِهِ فَضَمَانُهُ لَازِمٌ، وَإِنْ تَلْفِتْ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ كَالْأَصْلِ. وَلِأَنَّ مَا ضُمِنَ أَصْلُهُ بِالتَّعَدِّي ضُمِنَتْ زِيَادَتُهُ فِي حَالِ التَّعَدِّي قِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ إِذَا زَادَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ ثُمَّ نَقَصَ فَإِنَّ أبا حنيفة يوافق على ضمان نقصه.

فالجواب عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى مَا لَمْ يُرَدَّ بِعِلَّةٍ أَنَّهُ رَدَّهُ مِثْلَ مَا غَصَبَهُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بُطْلَانُهُ بِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَى الْأَصْلِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ التَّابِعَةِ لِلْأَصْلِ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى زِيَادَةِ السُّوقِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ زِيَادَةَ السُّوقِ إِذَا نَقَصَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لم يضمنها إِذَا نَقَصَتْ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَلَمَّا ضَمِنَ زِيَادَةَ الْعَيْنِ إِذَا نَقَصَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهَا إِذَا نَقَصَتْ فِي يَدِ نَفْسِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ زِيَادَةَ السُّوقِ إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتِ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهَا إِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْغَصْبِ وَلَمَّا ضَمِنَ زِيَادَةَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْغَصْبِ ضَمِنَهَا إِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْغَصْبِ.

ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ زِيَادَةِ السُّوقِ وَالْعَيْنِ عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ عَلَى زِيَادَةِ الْعَيْنِ يَدًا وَلَيْسَ لَهُ عَلَى زِيَادَةِ السُّوقِ يَدٌ فَضَمِنَ زِيَادَةَ الْعَيْنِ بِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَضْمَنْ زِيَادَةَ السُّوقِ لِارْتِفَاعِ يَدِهِ عَنْهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ زِيَادَةَ الْعَيْنِ يَكُونُ فَوَاتُهَا نَقْصًا مَضْمُونًا لِمَنْعِ الْمُشْتَرِي بِهَا مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَزِيَادَةُ السُّوقِ لَا يَكُونُ فَوَاتُهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ نَقْصًا مَضْمُونًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوِ ابْتَاعَ جارية تساوي ألفاً فنقصت فيمتها بِالسُّوقِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ رَدِّهَا بِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا لَكَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِدُخُولِ الشَّاةِ إِلَى دَارِهِ وَإِطَارَةِ الرِّيحِ ثَوْبًا إِلَيْهَا فَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِحُصُولِهَا فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَالْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ بِتَرْكِ إِعْلَامِهِ فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَالُ وَإِنْ أَعْلَمَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الزِّيَادَةِ فَضَمِنَهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ لَا يَجِبْ عَلَيْهِ رَدُّ الشَّاةِ وَالثَّوْبِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنْهَا بَعْدَ الطَّلَبِ.

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَغْصِبَهَا زَائِدَةً فَتَنْقُصُ ثُمَّ تَزِيدُ فَصُورَتُهُ فِيمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا لِصِحَّتِهَا فَتَمْرَضُ حَتَّى تُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ تَبْرَأَ فَتَزِيدُ بِالْبُرْءِ حَتَّى تُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ تُسْتَرَدُّ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزِّيَادَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>