لَمْ يَخْلُ ثَمَنُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ قَبْلَ الصبغ أو يكون أقل، أو يكون أكثر، فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الصَّبْغِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَيُبَاعُ الثَّوْبُ بَعْدَ صَبْغِهِ بعشرة دراهم فهي بأثرها لِرَبِّ الثَّوْبِ لِاسْتِهْلَاكِ الصَّبْغِ إِمَّا بِذَهَابِ قِيمَتِهِ وَإِمَّا لِجَرِّهِ النَّقْصَ لِلثَّوْبِ.
وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ أَقَلَّ مِثْلَ أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ الصَّبْغِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُهَا رَبُّ الثَّوْبِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنَقْصِهِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ لِيَسْتَكْمِلَ بِهَا جَمِيعَ الثَّمَنِ وَيَصِيرُ صَبْغُ الْغَاصِبِ وَنَقْصُ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ مُسْتَهْلَكَيْنِ. وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ أَكْثَرَ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ ثَمَنِ الصَّبْغِ، أَوْ يَكُونُ أَقَلَّ أَوْ يَكُونُ أَكْثَرَ. فَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ ثَمَنِ الصَّبْغِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ رَبُّ الثَّوْبِ مِنْهَا عَشْرَةً الَّتِي هِيَ ثَمَنُ ثَوْبِهِ وَيَأْخُذُ الْغَاصِبُ عَشْرَةً هِيَ ثَمَنُ صَبْغِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا نَقْصٌ لَا فِي الثَّوْبِ وَلَا فِي الصَّبْغِ، وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا رَبُّ الثَّوْبِ عَشْرَةً ثَمَنَ ثَوْبِهِ كَامِلًا وَيَأْخُذُ الْغَاصِبُ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ وَيَصِيرُ النَّقْصُ مُخْتَصًّا بِصَبْغِهِ لِضَمَانِهِ نَقْصَ الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا فَيَأْخُذُ رَبُّ الثَّوْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا عِشْرَةٌ مِنْهَا هِيَ ثَمَنُ ثَوْبِهِ وَخَمْسَةٌ هِيَ قِسْطُ الصَّبْغِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ المالين ولم يختص الغاصب بهما وَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً بِعَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَحَصَلَ لَهُ عوض في مال نفسه. فإن ادعى أَحَدُهُمَا إِلَى بَيْعِهِ وَأَبَى الْآخَرُ نُظِرَ فِي الدَّاعِي إِلَى الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ رَبَّ الثَّوْبِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ بِالصَّبْغِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْبَيْعِ فَيَسْتَدِيمُ حُكْمُ الْغَصْبِ، وَإِنْ دعى الْغَاصِبُ إِلَى بَيْعِهِ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى ثَمَنِ صَبْغِهِ وَأَبَى رَبُّ الثَّوْبِ فَإِنْ بَذَلَ لَهُ مَعَ إِبَائِهِ ثَمَنَ الصَّبْغِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ لَوْ بِيعَ الثَّوْبُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ لَهُ ثَمَنَ الصَّبْغِ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي " إِفْصَاحِهِ ":
أحدهما: أنه يجبر رب الثور عَلَى بَيْعِهِ لِيَتَوَصَّلَ الْغَاصِبُ إِلَى ثَمَنِ صَبْغِهِ كَمَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ لِيَتَوَصَّلَ رَبُّ الثَّوْبِ إِلَى ثَمَنِ ثَوْبِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُجْبَرَ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى بَيْعِهِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِصَبْغِهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ بِتَعَدِّيهِ إِزَالَةَ مِلْكِ رَبِّ الثَّوْبِ عَنْ ثَوْبِهِ. فَهَذَا الْكَلَامُ فِي الصبغ إذا لم يكن اسْتِخْرَاجُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَوَادًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَلْوَانِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ الصَّبْغُ سَوَادًا فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ وَكَانَ رَبُّ الثَّوْبِ مُخَيَّرًا بين أن يأخذه ولا في شَيْءَ عَلَيْهِ لِلصَّبْغِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلْغَاصِبِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ. وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute