فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ تِلْكَ الْأَلْفِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعَبْدِ الْأَوَّلِ كَانَ شِرَاؤُهُ بَاطِلًا لِاسْتِحْقَاقِهَا فِي غَيْرِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ بِعَيْنِ تِلْكَ الْأَلْفِ كَانَ الشِّرَاءُ لَازِمًا لَهُ لَا الْقِرَاضُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْفُذَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَا عُدْوَانَ عَلَيْهِ فِي شِرَاءِ الثَّانِي وَإِنْ فَقَدَ الْأَلْفَ الْأُولَى فِي ثَمَنِ الثَّانِي ضَمِنَهَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِهِ أَلْفًا مِثْلَهَا فِي ثَمَنِ الْأَوَّلِ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إِلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ مِنْ ضَمَانِهَا لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ دَفْعَهَا مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ لِعَقْدِ الْقِرَاضِ الَّذِيِ هُوَ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْمَالِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ دَافِعٌ لَهَا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، ثُمَّ الْقِرَاضُ فِي الْعَبْدِ الْأَوَّلِ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّ تَعَدِّيَ الْعَامِلِ فِي ثَمَنِهِ الْمُسْتَحِقِّ لِبَائِعِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ عَبْدًا فَقُتِلَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أُخِذَتِ الْقِيمَةُ مِنْ قَاتِلِهِ، وَكَانَتْ فِي مَالِ الْقِرَاضِ.
وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِرَبِّ الْمَالِ والعامل أربعة أحوال:
أحدها: أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمَا، وَالْقِرَاضُ بِحَالِهِ فِيمَا أَخَذَاهُ مِنْ قِيمَتِهِ.
والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ فَذَلِكَ لَهُمَا وَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَيَبْطُلُ الْقِرَاضُ فِيهِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ أَمَرَ رَبُّ الْمَالِ بِشِرَاءِ ابْنِهِ كَانَ ثَمَنُ ابْنِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ خَارِجًا مِنَ الْقِرَاضِ، وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ في حصته شيء من قيمته.
والحالة الثَّالِثَةُ أَنْ يَدْعُوَ الْعَامِلُ إِلَى الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ وَيَمْتَنِعَ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رب المال أوليس لِلْعَامِلِ اسْتِهْلَاكُ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَذَلَ لَهُ الْعَامِلُ ثَمَنَهُ لِيَقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الْمَالِ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَفْوًا من رب المال عن القصاص.
والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَدْعُوَ رَبُّ الْمَالِ إِلَى الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ وَيَمْتَنِعَ الْعَامِلُ. فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عِنْدَ قَتْلِهِ فَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِي مَنْعِ رَبِّ الْمَالِ مِنَ الْقِصَاصِ كَمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي قِيمَتِهِ مِنْ رِبْحٍ.
فَإِذَا اقْتَصَّ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ كَانَ ثَمَنُهُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَبَطَلَ فِيهِ الْقِرَاضُ، وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهِ بِعَفْوِ الْعَامِلِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فِي الْعَامِلِ - هَلْ هُوَ شَرِيكٌ أَوْ وَكِيلٌ؟
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ شَرِيكٌ فِي فَضْلِ ثَمَنِهِ كَمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ.