وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: مَثَلُكُمْ فِيمَنْ مَضَى كرجلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا بقيراطٍ الْحَدِيثَ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ قَالَ: يَا عَلِيُّ أَرْبَدْ لَنَا دَلِيلًا مِنَ الْأَزْدِ فَإِنَّهُمْ أَوْفَى لِلْعَهْدِ فَاسْتَأْجَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيَّ مِنَ الْأَزْدِ دَلِيلًا إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا وُلِدَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ اسْتَأْجَرَ لَهُ ظِئْرًا (يُقَالُ لَهَا) أُمُّ سَيْفٍ امْرَأَةُ قينٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو يُوسُفَ وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ بِأَنِّي رجلٌ أُكْرِيَ إِبِلِي أَفَتُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِي فَقَالَ: أَلَسْتَ تُلَبِّي وَتَقِفُ وَتَرْمِي قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلٌ عِمَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) {البقرة: ١٩٨) وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَسْقِي الْمَاءَ لامرأةٍ يهوديةٍ كُلَّ دلوٍ بتمرةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَشَأْتُ يَتِيمًا وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا وَكُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ بِعُقْبَةِ رِجْلِي وَطَعَامِ بَطْنِي فَكُنْتُ أَخْدِمُ إِذَا نَزَلُوا وَأَحْدُوا إِذَا رَكِبُوا فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا وَجَعَلَ أَبَا هريرة إماماً
وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْإِجَارَةِ دَاعِيَةٌ وَالضَّرُورَةَ إِلَيْهَا مَاسَّةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ عَمَلًا قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَلَا إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ حَسُنَ بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ طَعَامًا لِمَأْكَلِهِ وَثِيَابًا لِمَلْبَسِهِ قَدَرَ عَلَى عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ وَعَلَى إِحْدَاثِهِ وَإِنْشَائِهِ فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ كَمَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى ابْتِيَاعِ الْأَعْيَانِ ثُمَّ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا فَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِنَهْيِهِ عَنِ الْغَرَرِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ بِغَرَرٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَرَرِ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ جَوَازَيْنِ عَلَى سَوَاءٍ وَالْأَغْلَبُ فِي الْإِجَارَةِ حَالُ السَّلَامَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ غَرَرٌ خُصَّ بِالشَّرْعِ لِقِلَّتِهِ وَضَرُورَتِهِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخْلَقْ كَالْبَيْعِ فَهُوَ أَنَّ بَيْعَ مَا لَمْ يُخْلَقْ إِنَّمَا بَطَلَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ خُلِقَ وَالْمَنَافِعُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ خُلِقَتْ لِفَوَاتِهَا جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهَا لَيْسَتْ أَعْيَانًا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً فَهُوَ أَنَّهَا مَنَافِعُ أَعْيَانٍ حَاضِرَةٍ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute