للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَمْشُونَ حَوْلَ مكدمٍ قَدْ كَدَّحَتْ ... مَتْنَيْهِ حَمْلُ حناتمٍ وقلالٍ)

يعني: ملخ الْجِلْدَ مِنَ الْكَدِّ.

وَالسُّؤَالُ الْخَامِسُ: أَنَّ اسْمَ الْقُلَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَاوِلًا لِلْأَوَانِي، فَقَدْ يَتَنَاوَلُ صِغَارَهَا وَكِبَارَهَا فَيَتَنَاوَلُ الْكُوزَ؛ لِأَنَّهُ يُقَلُّ بِالْأَصَابِعِ، وَيَتَنَاوَلُ الْجَرَّةَ؛ لِأَنَّهَا تُقَلُّ بِالْيَدِ، وَيَتَنَاوَلُ الْحَبَّ؛ لِأَنَّهُ يُقَلُّ بِالْكَتِفِ، وَمَا كَانَ مُخْتَلِفَ الْقَدْرِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ حَدًّا وَعَنْ هَذَا جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ مِقْدَارًا بَعْدُ وَمِنْهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَكْثَرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِهِ بِقُلَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ عَلَى تَقْدِيرِهِ بِوَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ مَيَّزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بِقِلَالِ هَجَرَ " وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سِقْلَابٍ.

وَالسُّؤَالُ السَّادِسُ: قَالُوا: فَهُوَ وَإِنْ يَتَنَاوَلْ قِلَالًا مُتَمَيِّزَةً مِنْ قِلَالِ هَجَرَ، فَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَلِفًا فِي الْعَدَدِ فَرُوِيَ " إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ " وَرُوِيَ " إِذَا كَانَ ثَلَاثًا " وَرُوِيَ " إِذَا كَانَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً " فَكَيْفَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَعْمِلُوا حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ وَتُسْقِطُوا مَا سِوَاهُ مِنَ الْعَدَدِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَدِيثَ الْأَرْبَعِينَ قُلَّةً رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فَلَمْ يُؤْخَذْ بِهِ، وحديث الثلاثة القلال تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَشَكَّ فِي قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِ حَمَّادٍ رَوَوْا قُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي ثَلَاثٍ وَهَكَذَا مَنْ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، والنقلة الثِّقَاتُ لَمْ يَشُكُّوا فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَكٌّ لِوَاحِدٍ مُعَارِضًا لِيَقِينِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا وَيُسْتَعْمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَعَارُضٌ فَيَكُونَ الْقُلَّتَانِ مَحْمُولًا عَلَى قِلَالِ هَجَرَ، كَمَا جَاءَ فِيهِ النَّصُّ، وَالثَّلَاثُ عَلَى قِلَالٍ أَصْغَرَ مِنْهَا فَتَسَعُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ، وَالْأَرْبَعُونَ قُلَّةً عَلَى صِغَارِهَا الَّتِي تُقَلُّ بِالْيَدِ تَكُونُ بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>