قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَقُولُوا فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَّا خَيْرًا.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَمْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يجهروا ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالُوا: وَلِأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمُ الْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى تَطْهِيرِهِمَا مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَكَيْفَ وَأَنْتُمْ تُنْكِرُونَ مَا هو أيسر وأقرب، ويجيزون مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَبْعَدُ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى حَائِلٍ دُونَهُ امْتَنَعَ مِثْلُهُ فِي الرِّجْلَيْنِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ قَدْ يَجِبُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ كَوُجُوبِهِ فِي الْوُضُوءِ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ فِي الْجَنَابَةِ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى مَسْحِ الْخُفَّيْنِ بَدَلًا مِنْ غَسْلِهِمَا كَذَلِكَ الْوُضُوءُ.
وَدَلِيلُنَا عَلَى جَوَازِهِ السُّنَّةُ الْمَرْوِيَّةُ مِنَ الطُّرُقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ذكره أبو داود.
وروى بكير بن عامر الْبَجَلِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبيِ نُعَيْمٍ عن المغيرة بن شعبة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نسيت، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي جَلَّ وَعَزَّ " ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جرير الحلى أَنَّ جَرِيرًا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَالَ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمْسَحُ قَالُوا: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، قَالَ مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute