للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيَاسًا أَنَّ كُلَّ أُنْثَى أَسْقَطَهَا مَنْ فِي درجتها بالإدلاء سَقَطَتْ بِانْفِرَادِهَا كَابْنَةِ الْمَوْلَى؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْقَطَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَرِثْ بِانْفِرَادِهِ كَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ؛ ولأن كل ولادة لم يحجب بِهَا الزَّوْجَيْنِ إِلَى أَقَلِّ الْفَرْضَيْنِ لَمْ يُوَرثْ بِهَا كَالْوِلَادَةِ مِنْ زِنَا؛ وَلِأَنَّهُ وَارِثٌ فَوَجَبَ أن يكون من مناسبه مَنْ لَا يَرِثُ كَالْمَوْلَى يَرِثُ ابْنَهُ وَلَا يرث بِنْتَهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِهِمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ كَالْمَوْلَى.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عن قوله تعالى: {وأولوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥] فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: إنَّ الْمَقْصُودَ بِالْآيَةِ نَسْخُ التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ وَالْهِجْرَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِمَا أَعْيَانَ مَنْ يستحق الميراث من المناسبين لنزولهما قبل أي المواريث.

والثاني: أن قولهم: {بعضهم أولى ببعض} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ الْبَعْضِ لَيْسَ بِأَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَمْنَعُ مِنَ الِاسْتِيعَابِ.

والثالث: أنه قال: {في كتاب الله} وكان ذَلِكَ مَقْصُورًا عَلَى مَا فِيهِ وَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ ذِكْرٌ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ حَقٌّ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {أَوْلَى} محمول على ما سوى الميراث من الحصانة وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا دُونَ الْمِيرَاثِ إِذْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ مَا هُمْ بِهِ أَوْلَى.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ " فَمِنْ وجهين:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَوْضُوعٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِلسَّلْبِ وَالنَّفْيِ لَا لِلْإِثْبَاتِ، وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ الْخَالَ لَيْسَ بِوَارِثٍ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ الْجُوعُ طَعَامُ مَنْ لَا طَعَامَ لَهُ وَالدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لا حيلة له يعني أن ليس طعام وَلَا دَار وَلَا حِيلَة.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ جعل الميراث للحال الذي يعقل وإنما يَعْقِلُ إِذَا كَانَ عَصَبَةً وَنَحْنُ نُوَرِّثُ الْخَالَ إِذَا كَانَ عَصَبَةً وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي خَالٍ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ فَكَانَ دَلِيلُ اللَّفْظِ يُوجِبُ سُقُوطَ ميراثه.

فأما الجواب عن دفعه ميراث أبي الدَّحْدَاحِ إِلَى ابْنِ أُخْتِهِ فَهُوَ أَنَّهُ أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا لَا مِيرَاثًا، لِأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَا وَارِثَ لَهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ عَلَى أنها قضية عين قد يجوز أَنْ يُخْفَى سَبَبُهَا فَلَا يَجُوزُ ادِّعَاءُ الْعُمُومِ فِيهَا وَكَانَ ذَلِكَ كَالَّذِي رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَوْسَجَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا غُلَامًا له كان أعتق فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " هَلْ لَهُ أَحَدٌ " قَالُوا: لَا إِلَّا غُلَامًا له كَانَ أَعْتَقَهُ فَجَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ميراثه له ومعلوم أنه لا يستحق مِيرَاثًا لَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>